والاختفاء بصورة مطلقة.
«والذّرة» بمعنى الجسم الصغير جدّا ، ولذلك يقال للنمل الصغير : ذرة. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (٤٠) من سورة النساء.
«الكتاب المبين» إشارة إلى علم الله الواسع ، والذي يعبر عنه أحيانا باللوح المحفوظ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في تفسير الآية (٥٩) من سورة الأنعام.
* * *
ملاحظات
١ ـ إنّ الآيات أعلاه قد أثبتت ضمن عبارات قصيرة هذه الحقيقة ، وهي أنّ حق التشريع مختص بالله ، وكل من يقدم على مثل هذا العمل بدون إذنه وأمره ، فإنّه يكون قد افترى على الله ، لأنّ كل الهبات والأرزاق تنزل من عنده ، وإنّ الله سبحانه هو المالك الأصلي لها في الحقيقة ، وبناء على هذا فإنّ له الحق في أن يجعل بعضها مباحا والبعض الآخر غير مباح.
ومع أنّ أوامره في هذا المجال تهدف الى نفع العباد وتكاملهم وليس له أدنى حاجة لهذا العمل ، إلّا أنّه على كل حال هو صاحب الإختيار والتشريع ، وقد يرى أنّ من المصلحة إعطاء أحد العباد كالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حق هذا العمل في حدود معينة. كما يستفاد من روايات متعددة ـ أيضا ـ أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حرم بعض الأمور أو أوجبها ، والذي عبرت عنه الرّوايات ب (فرض النّبي). ومن الطبيعي أنّ كل أوامره ونواهيه في حدود ما خوله الله سبحانه من الصلاحيات ، وحسب أمر الله.
إنّ جملة (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) دليل أيضا على أن من الممكن أن يجيز الله أحدا بمثل هذه الإجازة.
إنّ هذا البحث مرتبط بمسألة «الولاية التشريعية» ، والتي سنبيّنها بصورة أكثر تفصيلا في محل آخر إن شاء الله تعالى.