المظلم وهدوئه يهيء الروح والجسد المتعبين للعمل والحركة من جديد.
نعم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أولئك الذين يسمعون ويدركون ، وبعد إدراك الحقيقة يتبعونها ويسيرون على نهجها.
* * *
ملاحظات
١ ـ إنّ الهدوء والسكون النفسي الذي هو الهدف من خلق الليل بات من المسلمات العلمية بعد أن أثبته العلم اليوم ، فإنّ حجب الظلام ليست وسيلة إجبارية لإيقاف النشاطات اليومية وحسب ، بل لها أثر مباشر على السلسلة العصبية وعضلات الإنسان وسائر الحيوانات فتجعلهم في حالة استراحة ونوم وسكون ، وما أجهل بعض الناس الذين يحيون الليل بالملذات والرغبات ، ويقضون النهار ـ وخاصّة الفجر المنشط ـ في النوم ، ولهذا السبب فإنّ أعصابهم متوترة وغير متزنة دائما.
٢ ـ إذا علمنا أنّ الإبصار بمعنى النظر ، فإنّ معنى جملة : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) سيصبح : إنّ الله قد جعل النهار ناظرا ، في حين أنّ النهار مبصر لا مبصر! إن هذا تشبيه ومجاز من قبيل توصيف السبب بأوصاف المسبب ، كما يقولون في شأن الليل : ليل نائم ، في حين أنّ الليل لا ينام ، بل هو سبب لأنّ ينام الناس.
٣ ـ إنّ الآيات أعلاه تدين الظن والوهم مرّة أخرى وتردّه ، لكن لما كان الكلام عن أوهام عبدة الأوثان الخرافية التي لا أساس لها ، فإنّ الظّن هنا لا يعني الظّن العقلائي المدروس الذي يعتبر حجة في بعض الموارد ، مثل شهادة الشهود وظاهر الألفاظ والإقرارات والمكاتبات ، وبناء على هذه فإنّ الآيات أعلاه لا يمكن أن تكون دليلا على عدم حجية الظن.
* * *