الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ).
وهناك بحث بين المفسّرين في أنّه من كانت هذه الذريّة التي آمنت بموسى؟ وإلى من يعود ضمير (مِنْ قَوْمِهِ) إلى موسى أم فرعون؟
فذهب البعض الى أنّ هؤلاء كانوا نفرا قليلا من قوم فرعون والأقباط كمؤمن آل فرعون ، وزوجة فرعون وماشطتها ووصيفتها ، والظاهر أنّ الدليل على اختيار هذا الرأي أن أغلب بني إسرائيل قد آمنوا. وهذا لا يناسب التعبير ب (ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) لأنّه يدل على صغر هذه المجموعة.
إلّا أنّ البعض الآخر يرى أنّهم جماعة من بني إسرائيل ، والضمير يعود إلى موسى ، لأنّ اسم موسى قد ذكر قبله ، وحسب قواعد اللغة والنحو فإنّ الضمير يجب أن يرجع إليه.
ولا شك أنّ المعنى الثّاني أوفق لظاهر الآية ، والدليل الآخر الذي يؤيد ذلك هو الآية التالية التي تقول : (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ ...) أي إنّه خاطب المؤمنين بـ «قومي».
الإشكال الوحيد الذي يبقى على هذا التّفسير ، هو أنّ جميع بني إسرائيل قد آمنوا بموسى ، لا جماعة منهم.
إلّا أنّ هذا الإيراد يمكن دفعه بملاحظة هذه النقطة ، وهي أنّنا نعلم أنّ الشباب في كل ثورة هم أوّل مجموعة تنجذب إليها ، فإضافة إلى قلوبهم الطاهرة وأفكارهم السليمة ، فإنّ الحماس والهيجان الثوري لديهم أكبر وأقوى ، علاوة على أنّهم غير متعلقين بالأمور المادية التي تدعو الكبار إلى المحافظة عليها وغيرها الملاحظات المختلفة الأخرى ، فليس لهم مال وثروة يخافون ضياعها ، ولا منصب ولا مقام يخشون فقدانه.
بناء على هذا ، فمن الطبيعي أن تنجذب هذه الفئة إلى موسى ، وتعبير «الذريّة» يناسب هذا المعنى جدّا.