للفطرة موافقة كاملة ومستقيمة. وبناء على هذا فإنّ هذا التعبير يستبطن الإشارة إلى كون التوحيد فطريا في الأعماق ، لأنّ الانحراف شيء خلاف الفطرة ، (فتدبّر).
وبعد الإشارة إلى بطلان الشريك بالدليل الفطري ، تشير إلى دليل عقلي واضح ، فتقول : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) إذ تكون قد ظلمت نفسك ومجتمعك الذي تعيش فيه.
أي عقل يسمح أن يتوجه الإنسان لعبادة أشياء وموجودات لا تضر ولا تنفع أبدا ، ولا يمكن أن يكون لها أدنى أثر في مصير الإنسان؟
وهنا أيضا لم تكتف الآية بجانب النفي ، بل إنّها توكّد إضافة إلى النفي على جانب الإثبات فتقول : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) ، وكذلك (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) لأنّ عفوه ورحمته وسعت كل شيء (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
* * *