ولكنّها في الباطن وفي الحقيقة مريضة.
هذا التعبير الطريف يقال للأعمال التي تبدو في الظاهر مفيدة وإنسانية ، إلّا أنّها في الباطن مقرونة بنية ذميمة وخبيثة!
* * *
ملاحظات
١ ـ من الممكن أن يتصور في البداية أنّ الآيتين محل البحث متعارضتان ، فالآية الأولى تقول : إن من كان هدفه الحياة الدنيا فإنّه سينال جزاءه فيها كاملا غير منقوص (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) أمّا الآية الثّانية فتقول إن أعماله تكون بلا أثر وباطلة : (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
ولكن مع الالتفات إلى أن إحدى الآيتين تشير إلى ما يجري في الدنيا والثّانية تشير إلى الدار الآخرة ، يتّضح الجواب على هذا الإشكال ، وهو أنّهم ينالون جزاء أعمالهم في هذه الدنيا ، ولكن لا قيمة لهذا العمل حتى ولو كان من أهم الأعمال ـ إذا لم يكن لها في الآخرة أيّ أثر. لأنّ هدفهم لم يكن نقيّا ونيّتهم غير خالصة ، حيث كانوا يسعون لتحصيل سلسلة من المنافع المادية ، وقد تحققت لهم في الدنيا.
٢ ـ ذكر كلمة «الزينة» بعد «الحياة الدنيا» تدلّ ذم عبادة الدنيا وزخرفها وزبرجها ، وليس المقصود من ذلك الاستفادة باعتدال من مواهب هذا العالم!
فكلمة «الزينة» التي جاءت هنا ببيان مغلق ، إلّا أنّها في آيات أخرى فسرت بالنساء الجميلات والكنوز والمراكب والزخارف .. إلخ.
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ) (١) (٢).
__________________
(١) آل عمران ، ١٤.
(٢) لمزيد من الإيضاح يراجع التّفسير الأمثل ذيل الآية ١٤ من سورة آل عمران.