والشاهد المصدق بنبوّته كلّ مؤمن حق أمثال علي عليهالسلام ، ومن قبل وردت صفاته وعلائمه في التوراة ، فعلى هذا ثبتت دعوته عن طرق ثلاثة حقّة واضحة.
الأوّل : القرآن الكريم الذي هو بيّنة ودليل واضح في يده.
الثّاني : الكتب السماوية التي سبقت نبوّته وأشارت إلى صفاته بدقّة ، وأتباع هذه الكتب السماوية في عصر النّبي كانوا يعرفونه حقا ، ولهذا السبب كانوا ينتظرونه.
والثّالث : أتباعه وأنصاره المؤمنون المضحّون الذين كانوا يبيّنون دعوته ويتحدثون عنه، لأن واحدا من علائم حقانيّة مذهب ما هو إخلاص اتباعه وتضحيتهم ودرايتهم وإيمانهم وعقلهم ، إذ أن كلّ مذهب يعرف بأتباعه وأنصاره.
ومع وجود هذه الدلائل الحيّة ، هل يمكن أن يقاس مع غيره من المدعين ، أم هل ينبغي التردّد في صدق دعوته؟! (١).
ثمّ يشير بعد هذا الكلام إلى طلاب الحقّ والباحثين عن الحقيقة ، يدعوهم إلى الإيمان دعوة ضمنية فيقول : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي النّبي الذي لديه هذه الدلائل الواضحة.
وبالرغم من أنّ مثل هؤلاء الذين أشير إليهم بكلمة «أولئك» في الآية لم يذكروا في الآية نفسها ، ولكن مع ملاحظة الآيات السابقة يمكن استحضارهم في جوّ هذه الآية والإشارة إليهم.
ثمّ يعقب بعد ذلك ببيان عاقبة المنكرين ومصيرهم بقوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).
__________________
(١) طبقا لهذا التّفسير يكون المقصود بـ «من» هو النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والبيّنة هي القرآن ، والشاهد ويراد به معنى «الجنس» من كل مؤمن صادق وفي مقدمتهم الإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلام ويعود الضمير في كلمة «منه» إلى الله سبحانه ، ويعود الضمير في كلمة «من قبله» إلى القرآن أو النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومجموع الجملة مبتدأ وخبره محذوف تقديره : كمن ليس كذلك ، أو كمن يريد الحياة الدنيا.