وقد اختلف المفسّرون في جواب نوح عليهالسلام هذا لأي من الإشكالات الثّلاثة هو؟ولهم في ذلك أقوال .. ولكن مع التدبر في الآية يتّضح أنّ هذا الجواب يمكن أن يكون جوابا للإشكالات الثلاثة بأسرها.
لأنّ أوّل إشكال أوردوه على نوح هو : لم كنت إنسانا مثلنا ولم تكن ملكا؟ فكان جوابه لهم : صحيح أنني بشر مثلكم ، ولكن الله آتاني رحمة وبيّنة ودليلا واضحا من عنده ، فلا تمنع بشريتي هذه من أداء هذه الرسالة العظيمة ، ولا ضرورة لأن أكون ملكا.
والإشكال الثّاني هو : إنّ أتباع نوح مخدوعون بالظواهر. فيردّهم بالقول : إنّكم أحق بهذا الاتهام ، لأنّكم أنكرتم هذه الحقيقة المشرقة ، وعندي أدلّة كافية ومقنعة لكلّ من يطلب الحقيقة ، إلّا أنّها خفيت عليكم لغروركم وتكبركم وأنانيتكم!
وإشكال الثّالث : أنّهم قالوا : (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) فكان جواب نوحعليهالسلام : أي فضل أعظم من أن يشملني الله برحمته ، وأن يجعل الدلائل الواضحة بين يدي، فعلى هذا لا دليل لكم على اتهامي بالكذب ، فدلائل الصدق عندي واضحة وجليّة! ..
وفي ختام الآية يقول النّبي نوح عليهالسلام لهم : هل أستطيع أن ألزمكم الاستجابة لدعوتي وأنتم غير مستعدّين لها وكارهون لها (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ).
* * *