يقول سبحانه في الآية الأولى من هذه القصّة .. (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) ونلاحظ في الآية أنّها وصفت هودا بكونه «أخاهم».
وهذا التعبير جار في لغة العرب. حيث يطلقون كلمة أخ على جميع أفراد القبيلة لانتسابهم إلى أصل واحد ..
فمثلا يقولون في الأسدي «أخو أسد» وفي الرجل من قبيلة مذحج «أخو مذحج».
أو أنّ هذا التعبير يشير إلى أنّ معاملة هود لهم كانت أخوية بالرغم من كونه نبيّا ، وهذه الحالة هي صفة الأنبياء جميعا ، فهم لا يعاملون الناس من منطق الزعامة والقيادة أو معاملة أب لأبنائه ، بل من منطلق أنّهم إخوة لهم ..
معاملة خالية من أية شائبة واي امتياز أو استعلاء.
كان أوّل دعوة هود ـ كما هو الحال في دعوة الأنبياء جميعا ـ توحيد الله ونفي الشرك عنه (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ).
فهذه الأصنام ليست شركاءه ، ولا منشأ الخير أو الشرّ ، ولا يصدر منها أي عمل ، وأي افتراء أعظم وأكبر من نسبتكم كل هذا المقام والتقدير لهذه الموجودات «الأصنام» التي لا قيمة لها إطلاقا.
ثمّ يضيف هود قائلا لقومه : لا تتصوروا أن دعوتي لكم من أجل المادة ، فأنا لا أريد منكم أي أجر (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) فأجري وحده على من فطرني ووهبني الروح وأنا مدين له بكل شيء ، فهو الخالق والرازق (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي).
وأساسا فإنّي في كل خطوة أخطوها لسعادتكم ، إنّما أفعل ذلك طاعة لأمره ، ولذلك ينبغي طلب الأجر منه وحده لا منكم ، وإضافة إلى ذلك فهل لديكم شيء من عندكم ، فكل ما هو لديكم منه سبحانه (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
ثمّ شرع هود ببيان الأجر المادي للإيمان لغرض التشويق والاستفادة من