القاهرة!
ثمّ أنّ هود قال لقومه في آخر كلامه معهم كما تحكيه الآية (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ).
إشارة إلى أن لا يتصوروا أنّ هودا سيتراجع إن لم يستجيبوا لدعوته ، فإنّه أدى واجبه ووظيفته ، وأداء الواجب انتصار بحدّ ذاته حتى لو لم تقبل دعوته ، وهذا درس لجميع القادة الحقيقيين وأئمة طريق الحق ألّا يحسّوا أبدا بالتعب والقلق من أعمالهم ، وإن لم يقبل الناس دعوتهم.
وكما هدد القوم هودا ، فإنّه هددهم بأشد من تهديدهم ، وقال : إن لم تستجيبوا لدعوتي فإنّ الله سيبيدكم في القريب العاجل (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ).
هذه سنة الله في خلقه وقانونه العام ، إنّه متى كان قوم غير لائقين لاستجابة الدّعوة والهداية والنعم الأخرى التي أنعمها عليهم فإنّه سيبعدهم ويستخلف قوما لائقين بمكانهم (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ).
فلا تفوته الفرصة ، ولا يهمل أنبياءه ومحبيه ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة من حساب الآخرين بل هو عالم بكل شيء وقادر على كل شيء.
* * *