سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) يعود على أبي بكر ، لأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن بحاجة إلى السكينة ، فنزول السكينة إذن كان على صاحبه ، أي أبي بكر.
إلّا أنّه مع الالتفات إلى الجملة التي تليها (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) ومع ملاحظة اتحاد المرجع في الضمائر ، يتّضح أن الضمير في «عليه» يعود على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، ومن الخطأ أن نتصور بأنّ السكينة إنّما هي خاصّة في مواطن الحزن والأسى ، بل ورد في القرآن ـ كثيرا ـ التعبير بنزول السكينة على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك حين يواجه الشدائد والصعاب ، ومن ذلك ما جاء في الآية (٢٦) من هذه السورة أيضا في شأن معركة حنين (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
كما نقرأ في الآية (٢٦) من سورة الفتح أيضا (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) مع أنّه لم يرد في الجمل والتعابير المتقدمة على هاتين الجملتين أي شيء من الحزن وما إلى ذلك ، وإنّما ورد التعبير عن مواجهة الصعاب والتواء الحوادث ... وعلى كل حال ، فإنّ القرآن يدلّ أن نزول السكينة إنّما يكون عند الشدائد ، وممّا لا ريب فيه أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يواجه اللحظات الصعبة وهو في (غار ثور)!
والأعجب من كل ما تقدم أن بعضا قال : بأنّ التعبير (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) يعود على أبي بكر. مع أنّ جميع المحاور في هذه الآية تدور حول نصرة الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والقرآن يريد أن يكشف أنّ النّبي ليس وحده ، وإذا لم ينصره أحد من أصحابه وجماعته ، فإنّ الله سينصره. فكيف يمكن لأحد أن يترك الشخص الذي تدور حوله بحوث الآية ، ويتّجه نحو شخص ثانوي وتبعي في منظور الآية؟! وهذا يدلّ على أن التعصب بلغ حدّا بأصحابه ، بحيث منعهم حتى من الالتفات إلى معنى الآية.
* * *