ثمّ تنذر المسلمين من المتأثرين بهم في صفوف المسلمين (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ).
«السمّاع» تطلق على من يسمع كثيرا دون تروّ أو تدقيق ، فيصدّق كل كلام يسمعه.
فبناء على ذلك فإنّ وظيفة المسلمين الراسخين في الإيمان مراقبت مثل هؤلاء الضعفاء لئلا يقعوا فريسة المنافقين الذئاب. كما يرد هذا الاحتمال ، وهو أنّ المراد من السمّاع في الآية هو الجاسوس الذي يتجسّس بين المسلمين ويجمع الأخبار للمنافقين.
وتختتم الآية بالقول : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
وفي آخر آية من الآيات محل البحث إنذار للنّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ هؤلاء المنافقين لم يبادروا لأوّل مرّة إلى التخريب والتفرقة وبذر السموم ، بل ينبغي أن تتذكر ـ يا رسول الله ـ أنّ هؤلاء ارتكبوا من قبل مثل هذه الأمور وهم يتربصون الفرص الآن لينالوا مناهم (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ).
وهذه الآية تشير إلى ما جرى في معركة أحد حيث رجع عبد الله بن أبي وأصحابه وانسحبوا وهم في منتصف الطريق ، أو أنّها تشير إلى مؤامرات المنافقين عامّة التي كانوا يكيدونها للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو للمسلمين ، ولم يغفل التاريخ أن يسجلها على صفحاته!
(وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) وخطّطوا للإيقاع بالمسلمين ، أو لمنعهم من الجهاد بين يديك، إلّا أن كل تلك المؤامرات لم تفلح ، وإنما رقموا على الماء ورشقوا سهامهم على الحجر (حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ).
غير أن مشيئة العباد وإرادتهم لا أثر لها إزاء مشيئة الله وإرادته ، فقد شاء الله أن ينصرك وأن يبلغ رسالتك إلى أصقاع المعمورة ، ويزيل العراقيل والموانع عن