التعامل مع القضايا بواقعية ، وبدقة ، بالإضافة إلى زيادة درجة التحمل والصبر حين يواجهون القضايا المصيرية في مفاصلها الدقيقة والحساسة والضاغطة على المشاعر والأحاسيس ..
وقد كان إخباره «صلىاللهعليهوآله» لأصحابه بأنهم سوف يدخلون المسجد الحرام هو أحد مفردات هذه السياسات الرائعة ، حيث إنه «صلىاللهعليهوآله» اكتفى ببيان بعض جوانب هذا الأمر ، وهو : أن هذا الدخول سوف يحصل وسكت عن جانب آخر ، وهو : أن هذا الدخول لن يكون في هذه السنة. وترك أمر معالجة هذا الجانب المسكوت عنه للناس أنفسهم ، ففهمه الأكثرون منهم بطريقة غير سليمة ، وانساقوا وراء فهمهم هذا ، وظهرت منهم المواقف المتوافقة مع فهمهم الخاطئ هذا.
لقد فهموا : أنهم سيدخلون مكة في نفس تلك السنة ، وينحرون بدنهم ، ويتمون فيها نسكهم ..
واعتبروا : أن الرجوع من دون ذلك تكذيب للرسول «صلىاللهعليهوآله» ، ولكن عمر بن الخطاب قال في ذلك فأكثر ، فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : إنما قلت : ندخل مكة ، ولم أقل في هذه السنة ، حتى يكون الرجوع تكذيبا (١).
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص والسيرة النبوية لدحلان ج ص والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٣٦٥ و ٣٦٧ والبحار ج ٢٩ ص ٢١ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٨٠ و ٢٨١ والكامل ج ٢ ص ٧٧ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٠٩.