فتفرغوا لنشر الإسلام في سائر القبائل ، ليصبح المحيط الإسلامي أكثر اتساعا ، ويتم التحول من حالة حصار للإسلام في المدينة ، وضواحيها القريبة ، إلى حالة حصار لقريش في مكة ، بل حصارهم في بعض زواياها ، وكان الإسلام ينتشر في مكة بسرعة ، فيدخل كل بيت ، وشمل كل القبائل والشعب والأفخاذ.
فما حققه «صلىاللهعليهوآله» في هذا الصلح أضعاف أضعاف ما تحقق في حروبه الدفاعية مع قريش وسواها ، حسبما تقدم.
ويكفي للتدليل على ذلك ، أنهم يقولون : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» ، قد بعث بعد الحديبية سراياه وبعوثه في مهمة الدعوة إلى الله تعالى ، فلم تبق كورة ولا مخلاف في اليمن والبحرين ، واليمامة إلا وفيها رسل النبي «صلىاللهعليهوآله» ، والناس يدخلون في دين الله أفواجا (١).
وإذا كان قد جاء إلى الحديبية بألف وأربع مائة أو نحو ذلك ، فإنه جاء بعد سنتين فقط بعشرة آلاف مقاتل ، وفتح الله له مكة ، ودخلها من غير قتال (٢).
ه ـ دخول النبي «صلىاللهعليهوآله» مكة في العام التالي ، وأداء مناسك العمرة ، من دون قتال ..
__________________
(١) راجع : مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٩٥.
(٢) راجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٣٥١ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٣٤ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢٤ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٩٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٧٨٧ ومستدرك الوسائل ج ٤ ص ٨١ والدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٤١.