وهذا يمثل اعترافا من قريش بقوة الإسلام ، وبأن للمسلمين الحق في ممارسة شعائر دينهم حتى في مكة ، وبأنها كانت ظالمة لهم في حرمانهم من هذا الحق.
كما أن ذلك يعطي الآخرين مزيدا من الجرأة على التعامل مع المسلمين ، وليس لقريش أن تعترض على أحد في ذلك ، أو أن تمارس ضده أية ضغوط ، لأن ذلك سوف يفهم على أنه بغي ، وابتزاز لا مبرر له .. ولا بد أن يسقط ذلك هيبتها ، ويسوق الناس إلى المقارنة بين طريقتها في التعامل ، وبين طريقة أهل الإسلام ، وتكون النتيجة هي المزيد من التعاطف معهم ضدها ..
هذا بالإضافة إلى أن هذا النصر قد أعطى المسلمين شحنة روحية ، وزادهم ثقة بأنفسهم ، وتصميما على المطالبة بحقوقهم ، ووطد الآمال بالوصول إليها والحصول عليها ، وإن طال السرى ..
وـ إن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يملك الجيش المتحمس ، والقادر والمستعد لكل التضحيات ..
وهو مع ذلك قد رجع عن إتمام عمرته ، وأحل ونحر البدن في موضعه ، مقابل وعد أعطي له بأن يعود إلى مكة في العام التالي معتمرا ، وزائرا ، ومعظما للبيت ، لكي يمكن المسلمين والمشركين من الاجتماع بأهلهم وذويهم.
وذلك من شأنه أن يعرف الناس عمليا : أن جميع ما كانت تبثه قريش من إشاعات عن أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يعظم البيت ، وأنه يسعى لإفساد حياة الناس ، ويريد قطع الأرحام ، هو محض افتراء لا واقع له ، والشواهد كلها على خلافه.