فها هو الجيش القادر والمستعد لدخول مكة عنوة ، وها هي قريش في غاية الضعف والوهن ، ولا يلومه أحد لو أنه سدد الضربة القاضية لها. فإنها كانت ولا تزال تسعى جاهدة لا ستئصال شأفته ، وإعفاء آثاره ، ومحوها من الوجود والحياة ..
وها هو رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يؤثر الرجوع عنها رغم ذلك كله ، رغبة في حقن الدماء وإيثارا لتعظيم البيت ، وسعيا في صلة الأرحام ، وفي تخفيف آلام الناس.
ز ـ إن قريشا قد رأت كيف أن عددا من ملوك العرب والعجم كانوا بعد الحديبية يخطبون ودّ رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ورأت أن باذان عامل كسرى قد دخل في الإسلام ، وأسلم أيضا عدد من ملوك العرب والعجم ، وأرسل الملوك ، مثل المقوقس وملك الحبشة وغيرهما الهدايا إلى إليه «صلىاللهعليهوآله».
كما أن أبا سفيان قد رأى تعظيم قيصر ملك الروم لكتاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
فأسهم ذلك كله في ترسيخ هيبته «صلىاللهعليهوآله» لدى قريش ، واضطرها إلى أن تخفف من غلوائها. ووجدت نفسها مضطرة للاستسلام له في فتح مكة حتى دخلها من دون قتال ..
ح ـ إن ثمرات هذا الصلح قد بدأت بالظهور في لحظة إبرامه ، حيث إنه لما كتب فيه : «وأن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل».
تواثبت خزاعة ، وقالوا : «نحن في عقد محمد وعهده» ..