وينشئون التحالفات مع أعدائهم ويحرضون ويتآمرون ، ويثيرون المشكلات الكبيرة والخطيرة ، كلما سنحت لهم الفرصة ، وواتاهم الظرف.
وكان اليهود أكبر قوة ضاربة ومتماسكة في منطقة نقطة الارتكاز للوجود الإسلامي ، فقد كانوا قادرين على تجهيز عشرة آلاف مقاتل من اليهود في المنطقة ، فزحف إليهم النبي «صلىاللهعليهوآله» في ألف وأربع مائة مقاتل ..
وهو أمر لم يكن متيسرا له «صلىاللهعليهوآله» قبل الحديبية ، فإنه لم يكن يستطيع أن يخلي المدينة من أهلها ليقود جيشا يجمع فيه كل القوى المقاتلة ، ويترك المدينة من دون قوة تدافع عنها ؛ لأن قوى الشرك كانت تنتظر تلك اللحظة لكي تنقض على عاصمة الإسلام وقلبه النابض.
وقد منع عهد الحديبية قريشا من مهاجمتها ، ومن أن تمديد العون ليهود خيبر ، ولغيرهم. وكانت سائر القبائل القريبة أضعف وأهون من أن يخشى منها أمر من هذا القبيل. لأنها تعرف العواقب الوخيمة التي تنتظرها لو سارت في هذا الاتجاه.
وانتصر المسلمون على اليهود وأسقطوا كبرياءهم في المنطقة كلها : في خيبر ، وفدك ، ووادي القرى وتيماء .. وغير ذلك ..
م ـ ثم هناك الانطلاقة الكبرى إلى خارج المحيط الذي كان يعيش فيه المسلمون ، وذلك في غزوة مؤتة التي أظهر فيها ثلاثة آلاف جندي أعظم البطولات في مواجهة جيش يضم عشرات الألوف ، الأمر الذي أعطى للدولة البيزنطية انطباعا حاسما وقويا عن بسالة الإنسان المسلم ، وأفهمهم : أنهم مقدمون على تحولات ومتغيرات كبيرة ، قد يكون لها أعظم الأثر على