مستقبل حياتهم السياسية ، والدينية والاجتماعية .. وغيرها ..
ن ـ إن قريشا قد اضطرت إلى الاعتراف بقوة المسلمين ، وأنها أصبحت متكافئة معها ، وأنها قوة لها حضورها ، ولا بد أن تتعامل معها معاملة الند للند. ولو لا أنها رأت فيها ذلك ، لم تقدم على عقد الصلح معها.
وقبل الحديبية لم تكن قريش على استعداد للاعتراف بهذا التكافؤ ، بل ظلت تعتبر المسلمين حالة تمرد شاذة ، لا بد من السيطرة عليها ، وإخضاعها ، ولا يجوز أن يسمح لها ـ بوصفها شرذمة خارجة عن القانون ـ : بأن تبقى على ما هي عليه ، بل لا بد من إنزال أقصى الضربات بها ، والتخلص منها بصورة ، أو بأخرى.
س ـ والغريب في الأمر هنا : أن المشركين بعد مدة يسيرة يقدمون التماسا ، ويوسّطون لدى النبي «صلىاللهعليهوآله» وسطاء ليرضى بإعفائهم من الشرط الذي اعتبروه نصرا لهم ، واعتبره المسلمون إعطاء للدنية من دينهم ..
فإن أبا بصير عتبة بن أسيد ، وأبا جندل ، وثلاث مائة من المسلمين وأكثرهم من الذين حبسهم المشركون في مكة قد تسللوا منها ، ولكنهم لم يأتوا إليه «صلىاللهعليهوآله» ، لعلمهم بأنه سوف يردهم إلى مكة ، بل ذهبوا إلى سيف البحر ، فكانوا لا تمر عير لقريش إلا أخذوها ، وقتلوا من فيها.
فأرسلت قريش أبا سفيان إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يسألونه ويتضرعون له بأن يبعث إلى أبي جندل ليأتي إليه ، وإن كل من أتى منهم إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فهو له ..