إليهما فقال : يا رسول الله ، تردني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
فقال : «يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر. وإن الله تعالى جاعل لك ولمن معك من المسلمين فرجا ومخرجا».
فقال : يا رسول الله ، تردني إلى المشركين؟!!
قال : «انطلق يا أبا بصير ، فإن الله سيجعل لك فرجا ومخرجا».
فخرج معهما ، وجعل المسلمون يسرون إلى أبي بصير : يا أبا بصير ، أبشر ، فإن الله جعل لك فرجا ومخرجا ، والرجل يكون خيرا من ألف رجل ، فافعل وافعل : يأمرونه بقتل الذين معه.
وقال له عمر : أنت رجل ، ومعك السيف ، فانتهيا به عند صلاة الظهر بذي الحليفة ، فصلى أبو بصير في مسجدها ركعتين ، صلاة المسافر ، ومعه زاد له من تمر يحمله ، يأكل منه. ودعا العامري وصاحبه ليأكلا معه ، فقدما سفرة فيها كسر ، فأكلوا جميعا ، وقد علق العامري سيفه في الجدار وتحادثا.
ولفظ عروة : فسل العامري سيفه ثم هزه فقال : لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوما إلى الليل.
فقال له أبو بصير : أصارم سيفك هذا؟
قال : نعم.
قال : ناولنيه أنظر إليه إن شئت ، فناوله إياه ، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد.
قال ابن عقبة : ويقال : بل تناول أبو بصير السيف بفيه ، وصاحبه نائم ، فقطع إساره ، ثم ضربه به حتى برد ، وطلب الآخر ، فجمز مذعورا مستخفيا.