٣ ـ لماذا لا يطلب النبي «صلىاللهعليهوآله» تكرار البيعة من جميع من عرفوا بالشجاعة ، مثل علي ، والمقداد ، وأبي دجانة و.. و..؟!
٤ ـ إن الشجاعة لا تناسب طلب تجديد البيعة ، بل تناسب إعطاء المناصب ، وإطلاق الكلمات المادحة في حق ذلك الشجاع .. أما البيعة فهي أخذ عهد ، وإبرام عقد يطلب الوفاء به ..
٥ ـ إن تجديد العهود ، إنما يكون بهدف تأكيد الإلزام بها ، والحمل على الالتزام بالوفاء ، وهذا إنما يطلب ممن يظن فيه الغدر ، ويتهم بالخيانة وعدم الوفاء ..
فليكن طلب البيعة مرة بعد أخرى يهدف إلى التلويح بإمكانية صدور هذه الخيانة منه ..
٦ ـ ويمكن تأييد ذلك بما ظهر في نفس ذلك المجلس ، حيث يذكرون : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد أعطى سلمة في المرة الثانية درقة ـ أو جحفة ـ فما لبث أن أعطاها لغيره ، ثم طلب منه البيعة الثالثة فبايعه ، فسأله عن جحفته أو درقته التي أعطاه إياها آنفا ، فأخبره أنه أعطاها لعمه عامر (١).
فلم يحتفظ بهذه الدرقة سوى هذا الوقت القصير.
مع أن المفروض هو : أن يبقيها عنده ، كأعز ذكرى لديه ، وأنفس شيء حصل عليه في حياته.
وإذا كان الصحابة يتبركون بفضل وضوء النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وبشعره ، وبعصاه ، وبكل شيء يرتبط به ، فما بال سلمة يزهد بهذه العطية
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٩.