إحداهما : دائرة المقبول والمعقول. وهو ما دل على تأثير السحر في جسد الرسول ، من حيث إيجابه مرضا ، أو ضعفا ، أو تعبا ، فإن الأمراض مما يجوز حصوله للأنبياء ، والسحر من أسبابها العادية ، فلا يضر عروض المرض لهم ، ولا يوجب نقصا في محلهم ، ولا في مراتبهم.
تماما كما جرى لأيوب «عليهالسلام» ، الذي قال الله تعالى عنه : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (١).
حيث دلت هذه الآية وكذلك الروايات الواردة في تفسيرها ، على أنه لا مانع من تأثير السحر في تسليط بعض الأرواح الشريرة على أبدان الأنبياء «عليهمالسلام» لإتعابهم ، وإيذائهم ، ويكون ذلك من موارد امتحان الأنبياء «عليهالسلام» لإظهار مدى صبرهم ، وعظيم تحملهم وحقيقة ملكاتهم ، وقدراتهم في مواجهة المصائب والمصاعب.
الثانية : أن الأنبياء «عليهمالسلام» محفوظون من السحر الذي يؤثر في إفساد عقولهم ، والعبث بقدراتهم ، في مجال الفهم ، والإدراك ، والتمييز ، وما إلى ذلك.
وكلامنا إنما هو في إبطال الروايات التي تنحو هذا المنحى وتريد إثبات تأثير السحر في هذه المجالات .. أما التي هي من النوع الأول فلسنا بصدد إثباتها ولا نفيها.
هذا ، وهناك أمور أخرى يمكن أن تذكر في جملة المؤاخذات على الروايات المذكورة ، غير أننا نكتفي بما ذكرناه آنفا. والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
(١) الآية ٤١ من سورة ص.