الأجواء المحيطة بهم ، والتي يغذيها شعورهم بالعظمة ، وبالقوة ، بجميع مكوناتها ومظاهرها ، فيبتلون الملوك من خلال استمرار هذا الشعور بالبأو ، وبالكبر ، والاستعلاء ، والزهو ، وما إلى ذلك ..
يضاف إلى ذلك : أن شعورهم بعدم مسؤوليتهم عما يقومون به من تصرفات ، من شأنه أن يسهل عليهم البطش ، وتظهر عليهم الرعونة إلى حد الإفراط في اتخاذ القرارات المتهورة ضد الأشخاص ، والجماعات الصغيرة ، فيستضعفونها ، ويقهرونها بسلطانهم ويهيمنون عليها ببطشهم وجباريتهم.
ويتعاظم هذا الخطر ويبلغ أقصى مداه حينما يواجه هؤلاء الملوك دعوة إلى أمر قد يرون أنه يستبطن تقليص نفوذهم ، أو يحدّ من سلطانهم ، ويقلل إلى حد ما من هيبتهم ، أو يكسر من شوكتهم ، أو يقيد إطلاق يدهم في الأمور وفي التصرفات السلطانية ..
فإذا أحسوا بشيء من ذلك ، أو راودتهم شكوك ، أو حتى بعض الأوهام فيه ، فإن حرصهم على محو هذه الدعوة وكل من يقف وراءها من الوجود ، سيكون بلا حدود ، ولن تقيده قيود ، أو تحول دونه موانع أو سدود.
وهذا يعطي : أن دعوة الأنبياء والمصلحين من أتباعهم للملوك والجبارين في منتهى الصعوبة ، وغاية الدقة ، وأقصى درجات الحساسية ، وأن أي إخلال في ذلك يؤدي إلى حرمان هذا النوع من الناس الذين تتحكم فيهم تلك العاهات النفسية من الهداية ، كما أن ذلك يحركهم إلى حرمان غيرهم منها ، بما يثيرونه من أجواء مشحونة بالتحدي لا يجرؤ معها كثير من الناس على المبادرة بخطوة في هذا الاتجاه ؛ بسبب أخطار لا يملكون القدرة على دفعها عن أنفسهم ، ولا يستطيعون التحرز منها ، ولا يمكنهم تحملها.