ثم قول : هل جعل أحد لكم أمانا؟! يدل على : أن هؤلاء الثلاثين كانوا من المشركين المحاربين للمسلمين ..
وقد ظهر : أنهم قد اقتحموا معسكر المسلمين بالسلاح ..
مما يعني : أنهم قد جاؤوا ، بهدف الإيقاع بالمسلمين ، فلا بد من أن يعدّوا من أسرى الحرب ، الذين لا يشملهم عهد الحديبية.
وسهيل بن عمرو لم يطالب بهم ، إن كانوا قد أسروا قبل كتابة العهد ..
وإن كانوا قد أسروا بعده فلا بد أن يعد ذلك نقضا للصلح ، وليس لقريش أن تطالب بهم أيضا. بل يكون رضاها بفعلهم إعلانا لحالة الحرب مع النبي «صلىاللهعليهوآله» ..
ولكن النبي «صلىاللهعليهوآله» بادر إلى تخلية سبيلهم كرما منه ونبلا ، ولم يكلف قريشا حتى أن تعتذر عما بدر منهم ، فضلا عن أن تلتمس منه إطلاق سراحهم ..
وهذا إعلان آخر عن حقيقة ما يسعى إليه ، ويعمل من أجله ، وأنه ليس طالب حرب ولا ناشد زعامة ، وليس مفسدا ولا ظالما ، ولا معتديا على أحد ، فكل ما تشيعه قريش ما هو إلا محض أكاذيب ، وهو محض التجني والبغي ، والمكر السيء ، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.
وهذا الكلام هو نفسه يقال بالنسبة للثمانين رجلا الآخرين ، الذين جاؤوا من قبل جبل التنعيم ، يريدون غرة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فأخذوا ، ثم عفا عنهم «صلىاللهعليهوآله» ..