وكان أول رد فعل ظهر على هذه المبادرة هو : أن أحد المفاوضين ، وهو حويطب بن عبد العزى ، التفت إلى سهيل بن عمرو ، وقال : بادأنا أخوالك بالعداوة ، وقد كانوا يستترون منا ، وقد دخلوا في عهد محمد وعقده!!
فقال سهيل : ما هم إلا كغيرهم ، هؤلاء أقاربنا ولحمنا ، قد دخلوا مع محمد ، قوم اختاروا لأنفسهم أمرا ، فما نصنع بهم؟!
قال حويطب : نصنع بهم : أن ننصر عليهم حلفاءنا بني بكر.
قال سهيل : إياك أن يسمع منك هذا بنو بكر ، فإنهم أهل شؤم ، فيقعوا بخزاعة ، فيغضب محمد لحلفائه ، فينقض العهد بيننا وبينه.
قال حويطب : والله حظوت أخوالك بكل وجه ..
فقال سهيل : ترى أخوالي أعز عليّ من بني بكر؟! ولكن والله لا تفعل قريش شيئا إلا فعلته ، فإذا أعانت بني بكر خزاعة ، فإنما أنا رجل من قريش ، وبنو بكر أقرب إليّ في قدم النسب ، وإن كان لهؤلاء الخؤولة.
وبنو بكر من قد عرفت ، لنا منهم مواطن كلها ليست بحسنة ، منها يوم عكاظ (١).
ونقول :
إن هذا النص يشير : إلى حاجة قريش إلى هذا الصلح ، وحرصها على إمضائه.
كما أنه يدل على : أن الثقة بين أركان الشرك كانت غير وطيدة ولا تصلح للاعتماد عليها ..
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦١٢.