وشدات بن عديم وإلا فما قدر أحد من الملوك يدخل مصر ولا قوى على أهلها غير بختنصر والله أعلم.
وذكر أبو الحسن المسعودى فى كتاب أخبار الزمان : أن الخليفة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد لما قدم إلى مصر وأتى على الأهرام أحب أن يهدم أحدها ليعلم ما فيها ، فقيل له إنك لا تقدر على ذلك [ق ١٢٧ أ]. فقال : لا بد من فتح شىء منها ، ففتح الثلمة المفتوحة الآن وقد أنفق عليها أموالا عظيمة ، فلما انفتحت وجدوا عرض حايطة قريبا من عشرين ذراعا ، فلما انتهوا إلى آخر الحائط وجدوا خلف النقب مظهره خضراء فيها ذهب مضروب ، وزن كل دينار أو قبة وكان عددها ألف دينار ، فجعل المأمون يتعجب من ذلك الذهب ومن جودته ثم أمر أن يعمل حساب ما أنفقه على فتح الثملة فوجد الذهب الذى أصابوه من النقب بقدر ما أنفقوه عليه لا يزيد ولا ينقص فتعجب المأمون من ذلك عجبا عظيما.
وقيل أن المظهرة التى وجد فيها الذهب كانت من زبرجد فأمر المأمون تحملها إلى خزاينه ، وكان آخر ما حمل من عجائب مصر وأقام الناس سنين يقصدون تلك الثلمة وينزلون من الزلاقة التى فيه فمنهم من يسلم ومنهم من يهلك فأنفق عشرون نفرا من الأعوام على دخول تلك الموضع وأعدوا لذلك ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وحبال وشمع ونحوه ونزلوا من الزلاقة فرأوا فيها من الخفاش ما يكون [ق ١٢٧ ب] قدر العقبان يضرب وجوههم ثم أنهم أدلوا أحدهم بالحبال فانطبق عليه المكان وسمعوا صوتا أرعبهم فغشى عليهم ثم أفاقوا وخرجوا من الهرم فبينما هم جلوس يتعجبون مما وقع لهم إذ خرجت الأرض صاحبهم من بين أيديهم حياتكلم بكلام لم يعرفوه ثم سقط ميتا ، فحملوه ومضوا فأخذهم الخفراء وأتوا بهم إلى الوالى فحدثوه خبرهم ثم ساء لهم عن الكلام الذى قاله صاحبهم قبل موته. فقالوا له : قال صك صك سكا سكا ففسروا ذلك من له خبرا بكلامهم ولغتهم فأذا معناه هذا جزاء من يهجم على الملوك ويطلب ما ليس له.
وقال على بن رضوان الطبيب (١) : فكرت فى بناء الأهرام فأوجب علم الهندسة العملية ورفع الثقيل إلى فوق ، أن يكون القوم هندسوا سطحا مربعا ونحتوا الحجارة ذكرا وأنثى ورصوها بالجبس البحرى إلى أن أرتفع البناء مقدار ما يمكن رفع الثقيل. وكانوا كلما وضعوا ضموا البناء حتى يكون السطح الموازى للمربع ألا ينتقل مربعا أصغر من المربع السفلانى ، ثم عملوا في السطح المربع الفوقاني [ق ١٢٨ أ] مربعا أصغر بمقدار ما بقى فى الحاشية ما يمكن رفع الثقيل إليه ، وكلما رفعوا حجرا مهندما رضوه ذكرا وأنثى إلى أن ارتفعوا مقدار
__________________
(١) سبق الحديث عنه.