وجعل فى الهرم الملون أحبار الكهنة فى توابيت من صوان أسود ، مع كل كاهن مصحف فيه عجائب صناعاته وأعماله وسيرته ، وما عمل فى وقته وما كان يكون من أول الزمان إلى آخره ، وجعل فى الحيطان من كل جانب أصناما تعمل بأيديها جميع الصناعات على مراتبها وأقدارها ، وصفة كل صنعة وعلاجها ، وما يصلح لها ، ولم يترك علما من العلوم حتى كتبه ورسمه فيها ، وجعل فيها أموال الكواكب التى أهديت إليها وأموال الكهنة وهو شىء عظيم لا يحصى وجعل لكل هرم منها خازنا فخازن الهرم الغربى صنم من حجارة صوان مجزع وهو واقف ومعه شبه حربه وعلى رأسه حية ، وقد تطوف بها من قرب منه وثبت إليه وطوفت على عنقه حتى يقتله ثم تعود إلى مكانها ، وجعل خازن الهرم الشرقى صنما من جزع أسود وأبيض ، له عينان مفتوحتان براقتان وهو جالس على كرسى ، ومعه حربه [ق ١٢٦ أ] إذا نظر أحد إليه سمع من جهته صوتا منه فيخر على وجهه ، ولا يبرح حتى تموت ، فلما فرغ من ذلك كله حصن الأهرام بالأرواح الروحانية ، وذبح لها الذبايح لتمنع من أنفسها من أرادها ، إلا من عمل لها أعمال الوصول إليها.
وذكر القبط فى كتبهم أن عليها كتابا منقوشا تفسيره بالعربية : أنا سوريد الملك بنيت هذه الأهرام فى وقت كذا وكذا وتمممت بناءها فى ستين سنة فمن أتى بعدنى. وزعم أنه ملك مثلى فليهدمها فى ستمائة سنة فإن الهدم أيسر من البنيان وإنى كسوتها عند فراغها بالديباج فليكسها من أتى بعدنا حصرا.
وحكى القبط فى كتبهم أن روحانية الهرم الشمالي غلام أمرد أفر اللون عريان فى فمه أنياب كبار وروحانية الهرم الجنوبى امرأة عريانه بادية الفرج فى فمها أنياب كبار تستتهوى الإنسان إذا رآت وتضحك له حتى يدنوا منها فتسلب عقله [ق ١٢٦ ب] وروحانية الهرم الملون شيخ فى يده مجمرة من مجامر الكنايس يبخر بها ، وقد رآه جماعة من الناس مرارا وهو يطوف حول الأهرام وقت القائلة وعند غروب الشمس.
قال : ولما مات سوريد دفن في الهرم ومعه أمواله وكنوزه. وقالت القبط : أن سوريد هو الذى بنى البرانى وأودع فيها الكنوز وغيرها.
قال : وأما الأهرام الدهشورية ، فيقال أن شدات بن عديم هو الذى بناها من الحجارة التي كانت قد قطعت فى زمن أبيه ، وشدات بن عديم هذا يزعم بعض الناس أنه شداد بن عاد ، وتم من أنكر هذا ، وأن العادية ما دخلت مصر ، إنما تشابهت الأسماء بين شداد