اهتم بحفر خليج الإسكندرية وذلك في سنة أربع وأربعمائة فحفره كله حفرا محكما فكان مصروف حفره خمسة عشر ألف دينار. وفى سنة اثنين وستين وستمائة أمر الملك الظاهر بيبرس بحفر خليج الإسكندرية ، وسافر بعامة الأمراء والأجناد وباشر حفر هذا الخليج بنفسه ، واستعمل فى حفره سائر الأمراء وسائر الناس بالقفف والمساحى إلى أن زالت تلك الرمال التى كانت على الساحل بين النقيديين ، وفم الخليج وغرق هناك مراكب وبنى عليها بالحجارة وبنى هناك مسجدا ، فلما تم له الغرض عاد إلى قلعة الجبل ثم تعطل استمرار جريان الماء فيه فى سنة عشر وسبعمائة وذلك فى دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون فأمر بحفره وندب لذلك الأمير بدر الدين محمد بن كند غرى الوزيرى والأمير بكتون وتقدمه المراسيم الشريفة إلى سائر أمراء الدولة باخراج مباشرتهم لاحضار رجال من النواحى الجارية فى أقطاعاتهم للعمل فى الحفر وكتب أيضا لولاة الأعمال بإجماع الرجال للعمل [ق ١٦٠ ب] فى الحفر من سائر النواحى. فاجتمع من ذلك نحو الأربعين ألف إنسان وذلك فى عشرين يوما ووقع العمل فى شهر رجب من السنة المذكورة أعلاه وتم حتى كمل العمل فكان قياس الحفر من فم بحر النيل إلى ناحية شبار ثمانية آلاف قصبة حاكمته ، ومن شبار إلى الإسكندرية مثلها وعمقه ست قصبات وعرضه ثمان قصبات. فلما إنتهى العمل ولكن بعد مشقة زائدة من يحفر هذا الخليج لما فرغ العمل من الخليج شرع الأمير بكتون فى عمل جسر من ماله دون مال السلطان فإن الناس كانوا فى وقت هيجان البحر يقاسوا مشقة عظيمة لغلبة الماء على أراضى السباخ فأقام ثلاثة أشهر حتى بني ضيعا ، ودك أساسه بالحجر والرصاص وإنشاء أيضا خانا تترك فيه المسافرين ووقف علي مصالحه رزقه ولم يزل هذا الخليج فيه الماء بطول السنة جاريا إلي أن دخلت سنة سبعين وسبعمائة فانقطع الماء فيه ، وصار الماء لا يدخل إليه إلا فى أيام زيادة ماء النيل فقذ ، وكان ذلك سببا لخراب بساتين الإسكندرية التى كانت على هذا الخليج ولم تزل [ق ١٦١ أ] كذلك إلى إن كانت دولة الملك الأشرف برسباى فندب بحفره الأمير جرباش الكريمى المعروف بقاشق فتوجه إلى الإسكندرية وجمع ما قدر عليه من الرجال ، فكان عدتهم ثمانمائة وسبعين رجل ، وابتدأ فى حفره من حادى عشر جمادى الأول سنة ست وعشرين وثمانمائة إلى حادى عشر شعبان وذلك تسعين يوما فانتهى عملهم ومشى فيه الماء حتى إنتهى إلى حده من الإسكندرية ، فسر الناس بذلك فلم يقيم إلا قليلا حتى انظم بالرمل وتعذر سلوك المراكب فيه ونزول الماء عنه بسرعة.