فانهزموا الفرنج بإذن الله وبلغت عدة من قتل من فرسان الفرنج فى هذه الواقعة ألفين وخمسمائة فارس وانهزموا الباقى ، ووردت البشائر بذلك إلى المصرية ودقت الكوسات وزينت القاهرة وذلك فى سنة ثمان وأربعين وستمائة ، وقد أحاط المسلمون بالفرنج وقتلوا منهم وأسروا خلقا كثيرا حتى قيل أن [ق ١٩٠ ب] عدد من قتل من الفرنج على فارسكور ما يزيد على عشرة آلاف ، ونهبوا المسلمين من الفرنج من المال والقماش والخيول والسلاح شىء كثير لا يحصى وأن حاش ملك الفرنج وأكابر الفرنج إلى تل هناك ، وأرسلوا يسألوا فى الأمان وسبب هذه النضرة لما أنكسروا الفرنج من المنصورة كانوا دبروا المسلمين هذه الجبلة وهو أنهم عمدوا إلي مراكب وحملوها على جمال وألقوها إلى بحر المحلة وأشحنوها بالمقاتلين ، وخرج معهم السواد الأعظم من الأعوام وغيرهم ، فلما انسكروا الفرنج من على المنصورة لاقاهم هذا الكمين بالنشاب والمقاليع والحجارة حتى هزموهم وأسروهم ونهبوهم فعند ذلك طلبوا الأمان فنزل ملكهم المسمى ريدا ـ فرنسيس إلى المسلمين فقيدوه واعتقل فى الدار التى كان ينزل فيها القاضى فخر الدين ابن لقمان كاتب الإنشاء ووكل به الطواسى صبيح العظمى واعتقل معه أخوه وأقاربه ورتب له كل يوم ما تكيفيه وأمر الملك المعظم توران شاه [ق ١٩١ أ] بقتل جميع الأسراء الفرنج ورميهم فى البحر فقتل منهم خلق كثير ، ثم أن السلطان الملك المعظم رحل من المنصورة ، ونزل بالدرب السلطانى من على فارسكور وعمل له برجا من الخشب على البحر ، وسير بالبشاير إلي القاهرة وأعمالها وإلى الشام وإلي حلب سائر النواحى يعلمهم بالنصر على الفرنج ، وما كان من أمرهم وما كان من نصرة المسلمين عليهم ، وما من الله به من فتح دمياط وطرد العدو عنها ، وذلك في سنة ثمتن وأربعين وستمائة ، وكانت هذه البشاير على يد الأمير جمال الدين يوسف بن يغمور فدخل إلي القاهرة وهو لابس ليس ملك الفرنج وهو اشكرلاط أحمر بفرو سنجاب ، وكان يوم دخوله إلى القاهرة يوما شهودا وأما ما كلن من أمر السلطان الملك المعظم توران شاه فإنه لما كسر الفرنج ظن أن الوقت قد صفا له فأخذوا فى أسباب تقريب من قدم معه من بلاد الشمال واعطالهم الوظايف السنة ، وأمر روءوس النواب أن تكون عصيهم ملبسة بالذهب [ق ١٩١ ب] إذا وقفوا قدامه فى الموكب ، وكان إذا سكر رص الشموع وضرب روءوسها بالسيف ويقول هكذا أفعل بالمماليك البحرية ، وكان فى طبعه الرهج والخفة فعند ذلك نفرت عنه قلوب الرعية والأمراء ومماليك أبيه لكونه قرب جماعته وأبعد حاشية أبيه ، وكان قد أرسل إلى شجرة الدر زوجة أبيه يهددها ويستوعدها بكل سوء ، فأرسلت شجرة الدر إلى الأمراء والمماليك فى الدس. وقالت لهم أقتلوه وعلى رضاكم.