[ق ٢٢٣ أ] وملك بعده ابنه قسطنطين الأصغر ، وقد كان الصليب بمصر موسم عظيم تخرج إليه سائر الناس إلى بنى وائل بظاهر القاهرة ويتظاهرون فى ذلك اليوم بالمنكرات من أنواع المحرمات ويخرجوا فيه عن الحد.
فلما كانت الدولة الفاطمية بمصر وبنوا القاهرة واستوطنوها وكانت فى خلافة العزيز بالله إلى رابع شهر رجب سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة فلما كان يوم عيد الصليب أرادت الناس أن تخرج إلى بنى وايل على جرى عاداتهم فمنعوهم من ذلك وضبطت الطرق والدروب ، ثم أعيد ذلك فى سنة أثنين وثمانين وثلاثمائة وخرج الناس إلى بنى وأيل على عاداتهم من الاجتماع واللهو ، ثم بطل ذلك حتى لم يلد يعرف فى هذه الأيام بديار مصر ودثر كما دثر غيره.
والنوروز هو أول السنة القبطية وهو أول يوم من توت وسنتهم فيه أشعال النيران والرش بالماء ، وكان من مواسم المصريين قديما وحديثا [ق ٢٢٣ ب] قال الحافظ أبو الحافظ أبو القاسم على بن عساكر فى تاريخ دمشق من حديث ابن عباس رضى الله عنه قال أن فرعون لما قال للملأ من قومه أن هذا الساحر عليهم ، وقالوا له ابعث إلى السحرة ، فقال فرعون لموسى يا موسى اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت فتجمع أنت وهارون وتجتمع السحرة ، فقال موسى موعدكم يوم الزينة.
قال ووافق ذلك يوم السبت فى أول يوم من السنة وهو يوم النوروز ويقال أول من أحدثه جمر شيد أحد ملوك الفرس وكان قد ملك الأقاليم السبعة فلما تكمل ملكه ولم يبق له عدو أتخذ ذلك اليوم عيدا وسماه نوروزا أى اليوم الجديد.
وقيل إن سليمان بن داود عليه السلام أول من وضعه وهو اليوم الذى رجع إليه فيه خاتمه. وقيل هو اليوم الذى شفى فيه أيوب عليه السلام وقال له الله سبحانه وتعالى (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ)(١) [ق ٢٢٤ أ] فجعل ذلك اليوم عيدا وسنوا فيه رش الماء ويقال كان بالشام سبط من بنى إسرائيل أصابهم الطاعون فخرجوا إلى العراق فبلغ ملك العجم فأمر أن بنى عليهم حظيرة ويجعلون فيها ، فلما صاروا فيها ماتو جميعا وكانوا أربعة آلاف رجل ، ثم أن الله أوحى إلى نبى ذلك الزمان أذهب إلى بلاد كذا وكذا فحارب سبط بنى فلان فقال يا رب وكيف أحاربهم وقد ماتوا فأوحى الله إليه إنى أحيهم لك فأمطر الله عليهم فى تلك الليلة وهم فى الحظيرة فأصبحوا أحياء فهم الذين قال الله فيهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ
__________________
(١) ٣٢ ك ص ٣٨.