أجل المواسم بمصر فى اللهو والخلاعة وارتكاب المحرمات وأظهار الفواحش وغير ذلك وكان يركب فيه شخص من الخلعة يسمونه أمير النوروز ومعه جمع كبير ويتسلطوا على الناس والأكابر أى رسم ويرسم أميرهم على دور الأكابر ويكتب مناشير على أرباب الدولة بحسب ما يختار من الجمل الكبار ومن امنتع من الأعطاء يهدلوه ويسبوه ولا يزالوا مترسمين حتى يأخذوا معلومهم المقرر على أكابر الدولة فى كل سنة وكانت المونثون والفساق يجتمعون تحت قصر اللؤلؤة بحيث يشاهدهم الخليفة وبأيديهم الملاهى وترتفع الأصوات بالغنى ويشربون الخمر والمزر شربنا ظاهرا ولا ينكر عليهم ذلك فى هذا اليوم وكانوا يتراششون بالماء والخمر وبالماء الممزوج بالأقدار وأن غلط راببس وخرج من داره فى ذلك اليوم شوشوا عليه وأفسدوا ثيابه واستخفوا [ق ٢٢٢٦ أ] بحر منه ، فإما يغدى نفسه منهم بشىء وإلا بهدلوه ولم يزل الحال على ذلك بطول النهار من رش الماء وإفساد ثياب الناس.
وقال اقاضى الفاضل أيضا فى متجددات سنة أثنين وتسعين وخمسمائة وجرى الأمر فى يوم النوروز على العادة من رش الماء وقد استحدثوا فى هذا العام التراجم بالبيض والتصافع بالأنطاع وانقطعوا الناس فى ذلك اليوم عن الخروج من دورهم وكل من ظفروا به فى الطريق طرشوه بماء نجس وصفعوه بذلك الأنطاع ولم يزل يوم النوروز يعمل فيه ما ذكراه من الرش بالماء والتصافع بالجلود وغير ذلك من الأمور الشنيعة إلى أن كانت سنة سبع وثمانين وسبعمائة وكان يؤمئذ الأمر إلى الأمير الكبير برقوق قبل أن يجلس على سرير الملك ويتسلطن فمنع من اللعب فى يوم النوروز وتهدد من لعبه بالعقوبة فأنكفوا الناس عن [ق ٢٦٦ ب] اللعب من حينئذ وصاروا يعملون بعض شىء من ذلك فى الخلجان والبرك ونحوها من مواضع النزه بعد ما كانت أسواق القاهرة تتعطل في يوم النوروز من البيع والشراء ويتعاطى الناس فيه من اللهو واللعب ما يخرجون به عن انوروز وربما كان يقتل فيه الناس نحو أثنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك إلى أن بطل على ي الملك الظاهر برقوق رحمه الله وقد قال بعضهم فى ذلك شعر :
ولما أتى النوروز باغاية المنى |
|
وأنت على الأعراض والهجر والصد |
بعثت بنار الشوق ليلا إلى الحبشى |
|
فنورت صبحا بالدموع على الخد |
وقال آخر فى المعنى :
كيف انتها جك بالنوروز يا سكنى |
|
وكلما فيه يحكينى وأحكيه |
فتارة كلهيب النار فى كبدى |
|
وتارة كتوالى عبرتى فيه |