وقال عبد الله بن عمر (١) : خلقت الدنيا [على خمس صور](٢) ، على صورة الطير برأسه وصدره ، وجناحيه ، وذنبه .. فالرأس مكة والمدينة واليمن ، والصدر الشام ومصر ، والجناح الأيمن العراق ، وخلف العراق أمة يقال لها واق ، وخلفهم أمة يقال لها واق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله. والجناح الأيسر السند وخلف السند أمة يقال لها ناسك ، وخلف [ق ١٥ أ] ناسك أمة يقال لها منسك ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالي ، والدنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما فى الطير الذنب.
وقال الجاحظ (٣) : الأمصار عشرة الصناعة بالبصرة والفصاحة بالكوفة والتخت ببغداد والغى بالري والجفا بنيسابور والحس بهراة والطرمدة بسمرقند والمروة ببلخ ، والتجارة بمصر والبخل بمرو ، وقيل إن كل قرية من قرى مصر تصلح أن تكون مدينة يؤيد ذلك قول الله تعالي :
(وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ)(٤) ، ومن عجائب مصر معامل كالتنانير يعمل بها البيض بصنعة ويوقد عليه فيحاكى نار الطبيعة في حضانة الدجاجة ، فيخرج منها الفراريخ ، وهي من معظم دجاج (٥) مصر ، ولا يتم عمل هذا بغير مصر ..
ووصف بعضهم فقال ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء وثلاثة أشهر مسكة سوداء ، وثلاثة أشهر زمردة خضراء ، وثلاثة أشهر سبيكة ذهب حمراء.
فأما اللؤلؤة البيضاء فإن في مصر شهر أبيب ومسرى وتوت يركبها الماء فترى الدنيا
__________________
(١) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العدوى المدنى الفقيه أحد الأعلام فى العلم والعمل ، شهد الخندق ، وهو من أهل بيعة الرضوان ، وممن كان يصلح للخلافة فعين لذلك يوم الحكمين مع وجود مثل الإمام على وفاتح العواق سعد ونحوهما رضى الله عنهما. ومناقبه جمة ، أثنى عليه النبى صلى الله عليه وسلم ووصفه بالصلاح. مات سنة ٧٤ ه.
(٢) إضافة من الخطط «للسياق مع المعنى».
(٣) هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثى أبو عثمان الشهير بالجاحظ ، كبير أئمة الآدب ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة فلج في آخر عمره ، وكان مشوه الخلقة ، ومات والكتاب علي صدره. ولد سنة ١٦٣ ه. / ٧٨٠ م ، ومات سنة ٢٥٥ ه / ٨٦٩ م.
(٤) ٣٦ ك الشعراء ٢٦.
(٥) إضافة من الخطط.