ودخل مصر من الأنبياء إبراهيم الخليل ويعقوب ويوسف والأسباط وأرميا ، وكان من أهلها مؤمن آل فرعون الذى أثني عليه الله جل جلاله في القرآن ، ويقال أنه ابن فرعون لصلبه [ق ١٦ ب] واظنه غير صحيح. وكان منها جلساء فرعون الذي أبان الله تعالي فضيلة عقلهم بحسن مشورتهم في أمر موسي وهارون عليهما السلام لما استشارهم فرعون في أمرهما فقال تعالي مخبرا عن فرعون. (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ)(١)(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ)(٢) وأين هذا من قول أصحاب النمرود في أمر إبراهيم الخليل حيث أشاروا بقتله قال تعالي حكاية عنهم : (قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ)(٣) ومن أهل مصر امرأة فرعون التي مدحها الله تعالى في كتابه العزيز بقوله (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ، وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٤) ومن أهلها ماشطة بنت فرعون حين آمنت بموسي عليه السلام فتمشطها فرعون بأمشاط الحديد كما يمشط الكتاب ، وهي ثابتة علي إيمانها بالله تعالي.
وقال صاعد اللغوي (٥) في [ق ١٧] في كتاب طبقات الأمم : أن جميع العلوم التي ظهرت قبل الطوفان إنما صدرت عن هرمس الأول الساكن بصعيد مصر الأعلى ، وهو أول من تكلم في الجوواهر العلوية والحركات النجومية وأول من ابتني الهياكل ومجد الله فيها ، وأول من نظر في علم الطب وألف لأهل زمانه قصائد موزونة في الأشياء والأرضية والسماوية. وقالوا : أنه أول من أنذر بالطوفان. فقال : أنها آفة سماوية تصيب الأرض من الماء والنار ، وأخاف أن يذهب العلم ويندرس فبني الأهرام والبرابي في صعيد مصر الأعلي ، وصور فيها جميع الصنائع والآلآت ، ورسم فيها صفات العلوم ، حرصا على تخليدها لمن بعده ووخيفة أن يذهب رسمها من العالم. وهرمس هذا هو إدريس عليه السلام.
ومن فضائل مصر : أنها تميز أهل الحرمين وتوسع عليهم ، ومصر فرصة الدنيا ، يحمل
__________________
(١) ٣٤ ك الشعراء : ٢٦.
(٢) ٣٦ ك الشعراء : ٢٦.
(٣) ٦٨ ك الأنبياء : ٢١.
(٤) ١١ م التحريم : ٦٦.
(٥) يطلق عليه المؤرخون والكتاب ابن صاعد الأندلسى.