بكثرة [ق ٣٢ ب] الزيت ، فإذا إنطفأ لم يخرج منه شىء ، فإذا خرج الصبي الميت من تحت السرير لم يخرج من الزيت شىء ، والباطية يريقها الإنسان فلا تحتها شيئا ولا موضعا فيه ثقب. وأولئك الرهبان يتعيشون من ذلك الزيت ... يشتريه الناس منهم فينتفعون به ..
قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف (١) شاه : عديم الملك ابن تقطريم كان جبارا لا يطاق ، عظيم الخلق ، فأمر بقطع الصخور ليعمل هرما كما عمل الأولون ، وكان فى وقته الملكان اللذان أهبطا من السماء ، وكانا فى بئر يقال له «افتارة» وكانا يعلمان أهل مصر السحر. وكان يقال أن الملك عديم بن البودشير استكثر من علمهما ، ثم انتقلا إلى جبل بابل. وأهل مصر من القبط يقولون أنهما شيطانان يقال لهما «مهلة» و «بهالة» وليس هما الملكين ، والملكان ببابل فى بئر هناك يغشاها السحرة إلى أن تقوم الساعة ومن ذلك الوقت عبدت الأصنام. وقال قوم : كانت الشيطان يظهر وينصبها لهم. وقال قوم : أول من نصبها بدوره وأول صنم أقامه صنم الشمس.
وقال آخرون : بل النمرود الأول أمر الملوك بنصبها وعبادتها ، وهو أول من صلب ، وذلك [ق ٣٣ أ] أن امرأة زنت برجل [من أهل الصناعات](٢) وكان لها زوج من أصحابه ، فأمر بصلبهما على منارين ، وجعل ظهر كل واحد منهما إلي ظهر الآخر فإنتهى الناس عن الزنا.
وبني أربع مدائن وأودعها صنوفا كثيرة من عجائب الأعمال والطلسمات ، وكنز فيها كنوزا كثيرة ، وعمل فى الشرق منارا وأقام على رأسه صنما موجها إلي الشرق ، مادا يديه يمنع دواب البحر والرمال أن تتجاوز حده ، وكتب في صدره تاريخ الوقت الذي نصبه فيه ، ويقال أن هذا المنار قائم إلي وقتنا هذا ، ولو لا هذا الغلب الماء الملح من البحر الشرقي على أرض مصر.
وعمل على النيل قنطرة في أول بلد النوبة ، ونصب عليها أربعة أصنام موجهة إلي أربع جهات الدنيا في يد كل صنم حربتان يضرب بهما إذا أتاهم آت من تلك الجهة فلم تزل بحالها إلي أن هدمها فرعون ـ موسي عليه السلام.
وعمل البريا علي باب النوبة وهو هناك إلي وقتنا هذا. وعمل في إحدي المدائن الأربع
__________________
(١) له ذكر فى الخطط للمقريزى.
(٢) إضافة من النجوم الزاهرة والخطط.