التي ذكرناها حوضا من صوان أسود مملوء ماء ، لا ينقص علي طول الدهر ولا يتغير ماؤه لأنه اجتلب إليه من رطوبة الهواء. وكان أهل تلك الناحية وأهل تلك المدينة يشربون [ق ٣٣ ب] منه ولا ينقص ماؤه شيء وعمل ذلك لبعدهم عن النيل.
وذكر بعض كهنة القبط أن ذلك الماء ثم لقربه من البحر الملح ، فإن الشمس ترفع بحرها بخار البحر فينحصر من ذلك البخار جزء بالهندسة أو بالسحر (١) وينحط فى ذلك الحوض مثل الظل وتمده بالهواء فلا ينقص ماؤه علي الدهر ، ولو شرب منه العالم كله.
وعمل قدحا علي مثل هذا العمل وأهداه إلي الأسكندر بن فيليب المقدوني (٢) ، ولما مات دفن في إحدي المدائن ذات العجائب ، وقيل في صحراء قفط.
وذكر بعض القبط أن ناووس [عديم] عمل كان في صحراء قفط علي وجه الأرض تحت قبة عظيمة من زجاج أخضر براق ، معقود علي رأسها كرة من ذهب ، عليها طائر من ذهب موشح بجواهر ، منشور الجناحين يمنع من الدخول إلي القبة ، وكلن قطرهما مائة ذراع في مثلها وجعل جسده في وسطها علي سرير من ذهب مشبك وهو مكشوف بالذهب المغروز بالجوهر المنظوم ، وطول القبة أربعون ذراعا ، وجعل في القبة مائة وسبعين مصحفا من مصاحف الحكمة [وسبع موائد بأوانيها](٣) منها مائدة من حجر الشمس المضيء بأنيتها وهو [ق ٣٤ أ] الزبرجد الذى إذا نظرت إليه الأفاعى سالت أعينها ، ومائدة من ملح أبيض مدبر براق بأنيتها ومائدة من زيبق معقود ، وجعل فى القبة جواهر كثيرة وبرابي صنعة مدبرة ، وحوله سبعة أسياف وأتراس من حديد أبيض مدبر وتماثيل أفراس من ذهب عليها سروج من ذهب ، وسبعة توابيت من دنانير عليها صورته ، وجعل معه من أصناف العقاقير والسمومات والأدوية في برابي [من] حجارة.
وقد ذكر من رأي هذه القبة أنهم أقاموا أياها ما قدروا على الوصول إليها ، وأنهم رذا قصدوها وكانوا منها على ثمانية أذرع صارت القبة عن إيمانهم أو عن شمائلهم.
وذكروا أنهم رأوا وجه الملك قدر ذراع ونصف بالكبير ، ولحيته كبيرة مكشوفة وقدروا طول بدنه عشرة أذرع وزيادة.
__________________
(١) وردت فى الخطط (الحكمة).
(٢) وردت في الأصل (المجدونى).
(٣) سقطت من الناسخ.