وذكر هؤلاء الذين رأوها أنهم خرجوا لحاجة فوجدوها اتفاقا ، وأنهم سألوا أهل قفط عنها فلم يجدوا أحدا يعرفها سوي شيخ كبير السن ، وقيل أن الذي صنع هذه القبة هو شداد ابن عديم وهو الذي بني مدينة ارمنت وأقام عليها أصناما بأسماء الكواكب من جميع المعادن وزينها بأحسن [ق ٣٤ ب] زينة ونقشها بالجواهر والزجاج الملون وكساه الوشي والديباج ، وعمل في المدائن الداخلة من أنصنا هيكلا شرقي الأسكندرية. وأقام صنما من صوان أسود باسم زحل علي عبور النيل من الجانب الغربي وبني في الجانب الشرقي مدائن في أحداها صورة صنم قائم وله احليل ، إذا أتاه المعقود والمسحور ومن لا ينتشر ذكره فسحه بكلتا يديه.
انتشر ذكره وقوي علي الباة ، وفي أحدهما بقرة لها ضرعان ، إذا انعقد لبن امرأة أتتها ومسحتها بيديها ، فإنه يدر لبنها لوقتها.
وعمل للتماسيح طلسم بناحية أسيوط ، فكانت التماسيح تنصب منها إلي أخميم ، وإذا أمسكها فيقتلها ويستعملها جلودا في السفن.
ويقال أن منقاوس الملك عمل بينا تدور تماثيل بجميع العلل وكتب علي رأس كل تمثال ما يصلح من العلاج فانتفع الناس بها زمانا إلي أن أفسدها بعض الملوك وعمل صورة امرأة مبتسمة لا يراها مهموم إلا زال همه ونسيه ، فكان الناس يتناوبونها ويطوفون حولها ثم عبدوها من بعد ذلك.
وعمل أيضا تمثالا من نحاس مذهب بجناحين لا يمر به زان ولا زانية إلا كشف عورته [ق ٣٥ أ] بيده ، فكان الناس يمتحنون به الزناة ، فامتنعوا الناس من الزنا في أيامه.
فلما ملك كلكن عشقت حظية رجلا من خدمه ، وخافت أن تمتحن بذلك الصنم فأخذت في ذكر الزواني مع الملك وأكثرت من سبهن وذمهن ، فذكر كلكن ذلك الصنم وما فيه من المنافع.
فقالت : صدق الملك غير أن منقاوس لم يصب في أمره ، لأنه أتعب نفسه وحكماءه فيما حعله لإصلاح العامة دون نفسه ، وكان حكم هذا الصنم أن ينصب في دار الملك حيث يكون نساؤه وجواريه ، فإن اقترفت أحداهن ذنبا علم بها فيكون رادعا لهن متي عرض بقلوبهن شيء من الشهوة.
فقال كلكن : صدقت ، وظن أن هذا منها نصح ، فأمر بنزع الصنم من موضعه ونقله إلى داره فبطل عمله ، وعملت المرأة ما كانت همت به.