ياقوتنا تساويان ملك الدنيا وجناحاه مضرحان بالياقوت والزمرد ، ورأسه على صفائح من الذهب على ذلك العمود فأمر له عبد العزيز بنفقة لأجل من تحفر معه من الرجال ، وكان هناك تل عظيم فاحتقروت حفيرة عظيمة فى الأرض والدلايل المقدم ذكرها من الرخام والمرمر تظهر وعبد العزيز حرصا على ذلك وأوسع فى النفقة وأكثر من الرجال ثم إنتهوا في حفرهم إلى ظهور رأس الديك ، فبرق عند ظهوره لمعان عظيم لما فيه عينيه من الياقوت ثم بان جناحاه ثم بانت قوائمه وظهر حول العمود عمود من البنيان بأنواع الحجارة والرخام وقناطر مقنطرة وطاقات علي أبوابه معقودة ولاحت منها تماثيل وصور وأشخاص من أنواع صور الذهب [ق ٤٧ ب] واجران من الأحجار قد أطبق عليها أغطيتها وسبكت.
فركب عبد العزيز بن مروان حتي أشرف علي المواضع فنظر إلي ما ظهر من ذلك فتسرع بعضهم ووضع قدمه علي درجة من نحاس فينتهي إلي ما هنالك.
فلما استقرت قدمه علي المرقاة ظهر سيفان عاديات عن يمين الدرجة وشمالها ، فالتقيا علي الرجل فلم يدر حتي جرته قطعا قطعا وهوي جسمه سفلا.
فلما استقر جسمه علي بعض الدرج اهتز العمود وصفر الديك صفيرا عجيبا أسمع من كان بالبعد من هناك وحرك جناحيه وظهرت من تحته أصوات عجيبة قد عملت بالكواكب والحركات وكان إذا ما وقع علي تلك الدرج شيء أو مسها شىء انقلبت ، فتهاوي كل من هناك إلى أسفل في تلك الحفر وكان فيهما من يحفر ويعمل وينقل التراب وينظر ويحول ويأمر وينهى نحو ألف رجل فهلكوا جميعا ، فخرج عبد العزيز وقال : هذا ردم عجيب الأمر ممنوع النيل ، نعوذ [ق ٤٨ أ] [بالله] منه ، وأمر جماعة من الناس فطرحوا ما خرجوا منها من التراب على من هلك من الناس فكان المواضع قبرا لهم.
قال المسعودى : وقد كان جماعة من أهل الدفائن والمطالب ومن قد اعتني وأغري بحفر الحفائر وطلب الكنوز وذخائر الملوك والأمم السالفة المستودعة بطن الأرض ببلاد مصر قد وقع إليهم كتابا ببعض الأقلام السالفة فيه ووصف موضع ببلاد مصر على أذرع يسيرة من بعض الأهرام بأن فيه مطليا عجيبا فأخبروا الأخشيد محمد بن طغج بذلك فأمرهم بحفره واستعمل الحيلة في إخراجه فحفروا حفرا عظيما إلى أن انتهوا إلى أزج وأقباء وحجارة مجوفة في صخر منقور فيه تماثيل قائمة على أرجلها من الخشب وهى صور مختلفة منها صور شيوخ وشبان ونساء وأطفال أعينهم من أنواع الجوهر كالياقوت والزمرد والفيروز ، ومنها ماء وجوهها ذهب وفضة فكسر بعض تلك التماثيل فوجدوا في أجوافها [ق ٤٨ ب] دمما بالية وأجساما