تحت الجبل وعمل لتلك الصورة مقادير بين الماء يكون معه الصلاح بأرض مصر ، وينتفع به أهلها دون الفساد وذلك الإنتهاء المصلح ثمانية عشر ذراعا بالذراع الذى مقداره أثنان وثلاثون أصبعا ، وما فضل عن ذلك عدل بمني تلك الصورة وشمالها إلى مسارب تخرج وتصب فى رمال وغياض لا ينتفع بها من خلف خط الأستواء ، ولولا ذلك لغرق ماء النيل البلدان التي يمر عليها.
قال : وكان الوليد بن دومع العمليقي قد خرج في جيش كثيف يتنقل فى البلدان ويقهر ملوكها ليسكن ما يوافقه منها ، فلما صار إلي الشام إنتهى إليه خبر مصر وعظم قدرها ، وأن أمرها قد صار إلى النساء وباد ملوكها ، فوجه غلاما له يقال له عون إلى مصر وسار إليها بعده واستباح أهلها وأخذ الأموال وقتل جماعة من كهنتها. ثم بدا له أن يخرج ليقف علي مصب النيل ويعرف ما بناحيته من الأمم فأقام ثلاث سنين يستعد لخروجه [ق ٥٦ ب] وخرج في جيش كثيف ، فلم يمر بأمة إلا أبادها ومر على أمم السودان وجاورهم ومر علي أرض الذهب فرأي قصبانا نابتة من الذهب ولم يزل يسير حتي بلغ البطيحة التي ينصب النيل فيها من الأنهار التي يخرج من تحت جبل القمر ، وسار حتي بلغ هيكل الشمس وتجاوزه حتي بلغ جبل القمر وهو جبل عال إنما سمى بجبل القمر ، لأن القمر لا يطلع إلا عليه لأنه خارج من تحت خط الأستواء ونظر إلي النيل يخرجه من تحته حتى ينتهى إلى خطرتين ثم يخرج منهما إلى نهرين حتى ينتهى إلى خطيرة أخرى ، فإذا خط الاستواء مدته يمكن تجرى بناحية نهر مكران بالهند وتلك العين أيضا تخرج من تحت جبل القمر إلى ذلك الوجه ، ويقال أن نهر مكران قبل النيل يزيد وينقص وفيه التماسيح والأسماك التى مثل أسماك النيل ووجد الوليد بن ذومع العمليقي القصر الذي فيه التماثيل النحاس التي عملها هرمس الأول في وقت البودشير بن قفطريم بن مصرايم ، وقد ذكر قوم من أهل الأثر أن الأنهار [ق ٥٧ أ] الأربعة تخرج من أصل واحد من قبله فى أرض الذهب التي من وراء البحر المظلم وهي سيحون وجيحون والفرات والنيل ، وأن تلك الأرض من أرض الجنة ، وأن تلك القبة من أبرجد ، وأن الماء قبل أن يسلك البحر المظلم أحلى من العسل وأطيب رائحة من الكافور وممن وصل إلى هذا المكان رجل من ولد العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام ووصل إلي تلك القبة وقطع البحر المظلم وكان يقال له حايد.
وقال آخرون : هذه الأنهار تنقسم هذه الأنهار على أثنين وسبعين قسما خذاء أثنين وسبعين لسانا للأمم.