وقد بلغ في خلافة عمر بن عبد العزيز تسع عشرة ذراعا ، ومساحة الذراع إلي أن يبلغ أثني عشرة أصبعا ، ومن أثنتي عشرة ذراعا إلي ما فوق ذلك يكون الذراع أربعا وعشرين أذرع ، وأقل ما يبقى في قاع المقياس من الماء ثلاثة أذرع ، وفي تلك السنة يكون الماء قليلا.
والأذرع التي يستسقي عليها بمصر هي ذراعان تسمي منكر ونكيرا ، وهي الذراع الثالث عشر والذراع الرابع عشر ، فإذا انصرف الماء عن هذين الذراعين وزاد نصف ذراع من الخمس عشرة استسقي الناس بمصر ، وكان الضرر الشامل لكل البلدان وإذا تم خمس عشرة ذراع ودخل في الست عشرة ذراعا [ق ٧٤ أ] كان فيه صلاح لبعض الناس ، ولا يستسقى فيه ، وكان في ذلك تقص خراج السلطان واصفي ما يكون ماء النيل في شهر طوبة بعد الغطاس لعشرة تمضي من طوبة ، وأهل مصر يفتخرون بصفاء ماء النيل في ذلك الوقت ، وفيه يخزن الماء أهل تنيس وسائر قري البحيرة.
وقد كانت مصر تروي كلها من ست عشرة ذراعا ، لما أحكموا من جسورها وبناء قناطرها وحفر خلجانها ، وكانت الماء إذا بلغ في زيادته تسع أذرع دخل خليجه المنهى وخليج الفيوم وخليج سردوس وخليج سخا.
وقد تغير في زماننا هذا عامة ما تقدم ذكره لفساد حال الجسور والترع والخلجان وقنواته إنه يزيد في القبط إذا دخلت الشمس برج السرطان وبرج الأسد وبرج السنبلة حين تنقص جميع الأنهار ، وكذلك أن الأنهار تمده بمائها عند غيضها فيكون زيادته ، في خامس بؤونة وتظهر الزيادة في ثاني عشرة وأول دفعة في الزيادة تكون في ثاني أبيب ، ومنتهي الزيادة في الثامن من بابة ، ومن هنا يأخذ في النقصان وذلك في العشرين [ق ٧٤ ب] من بابة فتكون مدة الزيادة من ابتدائها إلي أن ينقص ثلاثة أشهر وخمسة وعشرون يوما وهي شهر : أبيب ومسري وتوت وعشرون يوما من بابة ، ومدة مكثفة بعد زياته أثنا عشر يوما ، ثم يأخذ في النقصان.
ومن العادة أن ينادي عليه دائما في السابع والعشرين من بؤونة بعد ما يؤخذ قاعته وهو ما بقي من الماء القديم في ثالث عشر بؤونة وبفتح الخليج الكبير إذا أكمل الماء ستة عشر ذراعا.