وكانوا يقولون : نعوذ بالله من أصبع من عشرين ، وكان إذا بلغ النيل أصابع من عشرين ذراعا ، فاض ماء النيل ، وغرق الصياغ والبساتين ، وفارت البلاليع ، والآن إذا بلغ الماء في سنة أصبعا من عشرين لا يهم الأرض لما قد فسد من الجسور ، وكان إلي بعد الخمسمائة من الهجرة قانون النيل ستة عشر ذراعا في مقياس الجزيرة ، وهى في الحقيقة ثمانية عشر ذراعا.
وكانوا يقولون : إذا زاد علي ذلك ذراعا واحدا زاد خراج مصر مائة ألف دينار ولما يروى من الأراضى العالية ، فإن بلغ ثمانية عشر [٧٥ أ] ذراعا كانت الغاية [القصوي] فإن الثمانية عشر ذراعا في مقياس الجزيرة أثنا وعشرون ذراعا في الصعيد الأعلى ، فإن زاد علي الثمانية عشر ذزاعا واحدا ، نقص من الخراج مائة ألف دينار لما يستبحر من الأراضي المنخفضة.
قال ابن ميسر : في حوادث سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، وفيها بلغت زيادة ماء النيل تسعة عشر ذراعا وأربعين وخمسمائة. وفيها بلغت زيادة ماء النيل تسعة عشر ذراعا وأربعة أصابع ، فبلغ الماء الباب الجديد أول الشارع خارج القاهرة ، وكان الناس يتوجهون إلي القاهرة من مصر من ناحية المقابر ، فلما بلغ الخليفة الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد أن الماء وصل إلي الباب الجديد ، أظهر الحزن والانقطاع. فدخل إليه بعض خواصه وسأله عن السبب ، فأخرج لهم كتابا فإذا فيه «إذا وصل الماء الباب الجديد انتقل الإمام عبد المجيد» ثم قال : فكان الأمر كما ذكر ومرض في آخر السنة ، ومات أول سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
قال القاضى الفاصل في متجددات [ق ٧٥ ب] سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وفي يوم الأثنين السادس والعشرين من شهر ربيع الأول وهو السادس عشر من مسرى ، وفى النيل على ستة عشر ذراعا ، وهو الوفاء ، ولا يعرف وفاؤه بهذا التاريخ في زمن متقدم. وهذا أيضا مما تغير فيه قانون النيل في زماننا ، فإنه صار فى أوائل مسرى ، ولقد كان الوفاء في سنة أثنتي عشرة وثمانمائة في اليوم التاسع ولعشرين من أبيب قبل مسرى بيوم.
وهذا من أعجب ما يؤرخ في زيادات النيل. واتفق أن في الحادي عشر من جمادي الأولي سنة تسع وسبعمائة ، وفي النيل وكان ذلك في اليوم التاسع عشر من بابة بعد النوروز بتسعة وأربعين.