المرونة في التعامل النبوي :
غير أننا نلاحظ : أن النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» ، قد عامل الأنصار ، وغيرهم من الذين شاركوا معه في حرب حنين ، وكأنهم اصحاب حق في الغنائم والسبايا ، مغمضا نظره عن الهزيمة التي بدرت منهم ، وكأن شيئا لم يحدث ..
ولعل سبب ذلك هو : أنه «صلىاللهعليهوآله» يريد حفظ ماء وجوههم ، ومعالجة الجرح الروحي والمعنوي الذي أحدثته تلك الهزيمة ، حيث إن التكرم عليهم ، ومعاملتهم وكأن لهم الحق في الغنيمة والسبايا .. يعيد إليهم الثقة بأنفسهم ، والشعور بأن ما حدث لم يترك أثرا سلبيا في قلب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ولم يبدّل نظرته إليهم ، ولم يغير من تعامله معهم ..
ولو أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أعلن لهم : بأنهم لا حق لهم في الغنيمة وفي السبي .. لبقي ذلك جرحا نازفا في قلوبهم إلى ما شاء الله ، وقد تنشأ عنه عقد نفسية ومشكلات وتعقيدات يصعب علاجها.
بل لعل إعلانا من هذا القبيل سيكرس انقساما عميقا في صفوف المسلمين وقد يكون سببا في بدء سلسلة من الإتهامات ، والتعييرات تتسبب بنشوء أحقاد ، ومشكلات يختزنها السابق ليورثها للاحق .. وهيهات ان يتمكن أحد من استئصالها واقتلاعها بعد ذلك!!
وقد لا يسلم من رياح الحقد والضغينة حتى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وعلي «عليهالسلام» ، وهنا سوف تكون الكارثة أكبر ، والمصيبة أعظم ، لأن الفساد يكون قد سرى إلى دين الناس ، وإلى الأساس الذي يقوم عليه إيمانهم.