فنقلهم «صلىاللهعليهوآله» من دائرة التفكير في المصالح الفردية الضيقة ، واللذة الآنية الزائلة ، ليصلهم بمصدر الفيوضات والهدايات ، وباللامتناهي ، وبالغني القوي ، والمدبر ، والخالق ، والرازق ، والمهيمن ، والباقي .. و.. و..
٣ ـ ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل هو افهمهم أنه يعرف ما يدور بخلدهم تجاهه ، حيث يرون أن لهم فضلا ومنة عليه «صلىاللهعليهوآله» بإيوائهم ونصرهم له ، وبتصديقهم إياه ، فدفعهم إلى المقارنة بين ما يرون لأنفسهم فضلا فيه ، وبين ما منّ الله ورسوله به عليهم ، ليدركوا مدى الإسفاف الذي وقعوا فيه.
ولذلك ارتفعت أصواتهم بالبكاء ، وقام شيوخهم وساداتهم فقبّلوا يدي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ورجليه ، وقالوا : رضينا بالله وعنه ، وبرسوله وعنه.
وعرفوا : أنهم في وهم كبير ، وأمام أمر خطير يودي بهم إلى المهالك ، لو لا أن تداركهم الله برحمة منه ، واعترفوا بذنبهم ، وطلبوا من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يستغفر لهم.
الإستغفار للأنصار ، ولأبنائهم :
وقد استغفر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» للأنصار ، ولأبنائهم ، ولأبناء أبنائهم. مع أن الأنصار لم يطلبوا منه إلا أن يستغفر لهم ، ولم يذكروا أبنائهم ، ولا أبناء أبنائهم.
ولعله «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يشير إلى : أن هذا التراجع من الأنصار كان صادقا ، ولم يكن قبولا على مضض ، ولا كانت تشوبه أية شائبة