ولذلك نرى : أنه «صلىاللهعليهوآله» حين رأى ذلك الثقفي مصرا على موقفه العدواني ، ويرى نفسه : أنه قد تمنّع في الموقع الذي هو فيه ، ولم يستجب للإنذار الذي وجهه إليه ، وأنه قد أخذ بأسباب الحذر ، وبادر إلى التفكير بإلحاق حرمان ذلك الرجل من مناعة موقعه ، لكي يعود إليه صوابه ، وليفقد القدرة على أي نوع من أنواع الأذى بأهل الإيمان ، وجيش الإسلام ..
الإقادة من قاتل :
وأما بالنسبة للقود الذي أجراه «صلىاللهعليهوآله» في حق رجل من بني ليث ، فذلك أيضا يؤكد للناس كلهم : أن مواجهة الأعداء ، وممارسة الحرب والقتال ، مهما كان ضاريا وشرسا ، وخطيرا ، لا يعني : أن ثمة تهاونا في فرض النظام العادل ، وإقامة شرع الله ، أو تعني التهاون بدماء الناس ، واسترخاص أرواحهم ، والإستخفاف بحقوقهم .. بل إن هذا القتال نفسه ، إنما يأتي في سياق إرساء العدل وحفظ الكرامات ، وصيانة الأرواح ، وحقن الدماء ، ورعاية الحقوق .. لأنه يراد الذب عن المبادئ ، وحفظ القيم ، التي ينبثق عنها ذلك كله ..
ولذلك لم تشغله «صلىاللهعليهوآله» تلك الحرب الضارية عن أخذ حق المظلوم من ظالمه ، وإقادته منه ..
إن على الجميع أن يعرف : أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يقود حروبه ليسقط القيم ، والمبادئ ، بل ليؤكدها ، ويقويها ، ويحفظها .. كما أنه لا يريد بها إشاعة الخوف والرعب ، بل يريدها أن تنتج الشعور بالسكينة ، والسلام ، والأمن .. ولا يريد منها زرع الموت والدمار ، والفناء ، بل يريد أن تكون