وقفة مع إسلام مالك بن عوف :
ولنا مع حديث إسلام مالك بن عوف بعض الملاحظات ، نذكر منها :
١ ـ إن إغارة مالك بن عوف على ثقيف تبقى موضع ريب ، فقد تقدم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» تركهم وذهب إلى مكة حتى لحقه وفدهم بإسلامهم ..
إلا أن يقال : إن الذين أسلموا هم جماعة منهم ، فحقنوا بذلك دماءهم وبقيت بعض الجماعات ، التي لم تكن قادرة على المقاومة ، فسكتت على مضض ، فكان مالك بن عوف يلاحقهم بعد ذلك ، حين تظهر منهم بوادر العصيان ، ويصيب منهم بعض الغنائم.
ثم إنهم بعد عدة أشهر وفدوا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى المدينة ، فأعلنوا إسلامهم ، وأمنوا من أن يتعرض إليهم مالك بن عوف ، أو غيره بأذى ..
٢ ـ قد تقدم : أن الشيماء ، قد شفعت في مالك بن عوف ، ولعل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد ذكره أيضا لوفد هوازن ، فبلغه هذا وذاك ، فخاف على نفسه من ثقيف ، فجاء إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
٣ ـ إن خوف مالك من أن تحبسه ثقيف ، لو علمت بأن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد ذكره يدل على أن هؤلاء الناس لا يثقون ببعضهم. فإذا اجتمعوا لحرب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فلا يعني ذلك : أنهم يحبون بعضهم بعضا ، أو أن بعضهم يثق ببعض ، بل هم وفقا لما حكاه القرآن عن اليهود : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) (١).
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة الحشر.