غيره في هذا المسجد نقطة ارتكاز تتجمع حولها ذكريات ، قد يشعر معها بشيء من الزهو ، في حين لا بد أن يكون الخجل ، والشعور بالخزي هو المهيمن على كل وجوده ، وكلما مرت هذه الذكريات في خياله ..
تغيير أسماء البقاع :
وليس بعيدا عن هذا السياق أيضا أن نرى هذا الرسول الكريم ، والنبي العظيم «صلىاللهعليهوآله» يمارس الأمور ، ويتصرف في المنطقة بنحو يعطي الإنطباع بأن قضية الحرب والسلم قد أصبحت محسومة ، وأن أمر البلاد والعباد قد عاد إلى موقعه الطبيعي ، وهو موقع النبوة ، ولذلك صار «صلىاللهعليهوآله» يتصدى حتى لأعلام البقاع كما تصدى لمعالمها ، لتصبح أسماءها متوافقة مع نهجه ، وملائمة لأطروحته ، ومفاهيمه ، وتوجهاته ..
فلا يرضى باسم إحدى الطرق التي يمر بها ، فيبادر إلى تغيير اسم «الضيقة» ليصبح اسمها «اليسرى».
جيوب لا بد من اقتلاعها :
ومن الطبيعي جدا : أن نراه «صلىاللهعليهوآله» يعمل على اقتلاع كل الجيوب التي يحتمل أن تكون مثار قلق ، وريبة بالنسبة إليه ، إذ لا يمكن ان يرضى قائد مجرب ، وعاقل أريب ، بإبقاء أي من الأعداء يسرح ويمرح خلف ظهره ، في وقت يكون هو منشغلا بحرب من هم أمامه .. فإن فعل ذلك ، فسيكون في نظر العقلاء ، وأهل الحزم ، والتدبير ممعنا في السذاجة ، والغباء ، والتغفيل ، إلى الحد الذي يسلبه الأهلية لأي موقع قيادي ، يمكن أن يحتاج فيه الناس إلى قائد حكيم ، يقظ ، وحازم.