ولأجل ذلك نلاحظ : أنه لما سأل عباس بن مرداس عليا «عليهالسلام» : إن كان سينفذ أمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟ أجابه «عليهالسلام» بالإيجاب ، ولم يزد على ذلك.
وقد كان جوابه دقيقا ، لا يتضمن تخويفا ولا تطمينا أيضا .. لكي تحصل المفاجأة لابن مرداس ، وينقلب الخوف والغم والهم سعادة وفرحا وابتهاجا ، وشعورا بالإمتنان لله ولرسوله ..
مشورة علي عليهالسلام على ابن مرداس :
وتأتي نصيحة أمير المؤمنين «عليهالسلام» لابن مرداس لتكون إسهاما في تكامل هذا الرجل روحيا ، وتعميق شعوره بالكرامة وبالقيمة الإنسانية ، وليصبح معيار الربح والخسارة عنده ليس هو الحصول على الأموال ، والمناصب ، بل هو الحصول على الميزات الروحية والإيمانية ، والسابقة في الدين ، والتحلي بالشيم والميزات الإنسانية.
وقد رسمت مشورة علي «عليهالسلام» لابن مرداس حدودا أظهرت له : أن ثمة نوعان من الناس ، هم :
أهل الهجرة والسابقة ، والجهاد ، والتضحية بالمال ، والنفس ، والولد ، والتخلي عن الأوطان ، وعن الأهل والعشيرة من أجل دينهم ، وحفظ إيمانهم.
ويقابلهم : أهل الطمع وطلاب الدنيا ، الذين يقيسون الأمور بالأرقام والأعداد.
وقد جاء رسم هذه الحدود له في نفس اللحظة التي انفتحت فيها بصيرته على معنى القيمة ، حين ساقته تحولات الأمور معه إلى أن يلهج بالقول :