مرداس مرتين عن هذا الأمر ، فأكده له بقوله : إني ممض فيك ما أمرت!!
ونجيب :
أولا : إن المحرّم هو : المبادرة إلى فعل أمر من شأنه أن يخيف الناس ، أما لو فعل الإنسان ما هو حلال له ، فتوهم متوهم ووقع في الخوف ، بسبب قلة تدبره ، أو لأجل أنه سمع الكلام بصورة خاطئة ، أو فسره بطريقة خاطئة ، فلا يدخل هذا في دائرة الحرام ، بل إن على ذلك المتوهم نفسه ، أن يفهم الأمر بصورة صحيحة أو أن يدقق فيما يسمعه ، ويتدبر فيه.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإن عباس بن مرداس لم يحسن فهم الكلام الذي سمعه .. لا استفادة من الضوابط التي تعينه على فهم المقاصد بصورة صحيحة. فهو الذي أوقع نفسه في هذا الخوف بلا مبرر.
ثانيا : إن المطلوب من المتكلم هو : أن يفهم مقاصده لمن يوجه إليه خطابه بالكلام تارة ، وبالإشارة أخرى ، بالطريقة التي يعرف أنه يفهمها ، ولا يقع في الإشتباه فيها ، وربما تكون هناك لغة ، أو رموز ، ومصطلحات خاصة بهما ، لا يعرفها غيرهما ..
ولا يطلب منه أن يفهم الآخرين شيئا من ذلك ، فقد يفهمون منه شيئا ، وقد يعجزون ..
بل قد يكون عدم إفهام من حوله لمقاصده ، وتعمية الأمور عليهم مقصودا له أيضا .. فإن أخطأوا في الفهم ، فهو لا يتحمل أية مسؤولية تجاههم ، لأنه لم يوجه الخطاب إليهم ..
وهذا هو حال عباس بن مرداس ، فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يوجه إليه خطابا ، بل وجه الخطاب لعلي «عليهالسلام».