وظن ذلك ناس آخرون أيضا (١). فلو كان «صلىاللهعليهوآله» قد أمره بأن يعطيه مائة من الإبل ، فلما ذا يتوهم هو ، ويتوهم غيره بأنه قد أمر بقطع لسانه على الحقيقة؟!
ثانيا : إذا كان النبي «صلىاللهعليهوآله» يرى : أن أبا بكر لم يستطع أن يميز بين ما هو أفصح من القول ، وهو ما اختاره النبي «صلىاللهعليهوآله» في التعبير عن مقاصده ، فهل يأمن عليه أن يخطئ في فهم قوله : «اقطع عني لسانه» ، فيبادر إلى قطع لسانه على الحقيقة؟!
ثالثا : إن وحدة الحال التي كانت قائمة بين أبي بكر وبين عمر بن الخطاب لربما تدعوه إلى أن يفسح المجال لرفيقه وصديقه عمر بن الخطاب لكي يبادر إلى قطع لسان الرجل بشفرته التي أهوى إليها ليسلها من وسطه .. ولسوف لن ينفع الأسف والندم بعد ذلك ..
إخافة الناس حرام :
ولا شك في : أنه لا يجوز لأحد أن يخيف أحدا بلا سبب يرضاه الله تعالى ..
فكيف يمكن تفسير إقدام النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وعلي أمير المؤمنين «عليهالسلام» على إخافة عباس بن مرداس. حتى إن كلمة الرسول «صلىاللهعليهوآله» كانت أشد عليه من يوم خثعم حين أتوهم في ديارهم؟!
بل إن عليا «عليهالسلام» قد أمعن في ذلك حين سأله عباس بن
__________________
ـ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج ١ ص ٢٣٧ والبحار ج ٢١ ص ١٦٠ و ١٦١ و ١٧٠ و ١٧١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٦ ص ٤١٣ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٨١.
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٢٠ و (ط دار المعرفة) ص ٨٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٩٩.