«لا يجتمع اثنان في قرن ، والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم ، وولي أمورهم منهم.
ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة ، والسلطان المبين.
من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة» (١).
وبعد أن أظهر بشير بن سعد اقتناعه بحجة أبي بكر وعمر ، وتسليمه بأن لا نصيب للأنصار في الحكم والحاكمية ، بادر أبو بكر إلى إظهار زهده في هذا الأمر ، والتحدث بطريقة توحي أنه ينأى بنفسه عن هذا المقام ، وأنه إنما كان يتكلم لمجرد إحقاق الحق ، فقال مشيرا إلى عمر ، وإلى أبي عبيدة : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فأيهما شئتم فبايعوا.
لقد قال هذا مع علمه بأن هذين الرجلين سيردان الأمر إليه ، ربما لأنهم كانوا متفقين على ذلك.
وربما لعلمه بعدم جرأتهما على القبول بالتقدم عليه لأكثر من سبب ..
وهكذا كان ، فبايعاه وسبقهما بشير بن سعد بالبيعة ، وبايعه أيضا أسيد بن حضير ، وعويم بن ساعدة ، ومعن بن عدي ، وسالم مولى أبي حذيفة فيما قيل.
__________________
(١) راجع : الإحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٩٢ والبحار ج ٢٨ ص ١٨١ و ٣٤٥ وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٩ والسقيفة وفدك للجوهري ص ٦٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٥٧ والإمامة والسياسة (بتحقيق الزيني) ج ١ ص ١٥ و (بتحقيق الشيري) ج ١ ص ٢٥ والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج ٣ ص ١٨٨.