غاية الأمر أنه لما ورد في معارضة هذه الرواية رواية عقبة بن خالد فلا بد من وجه يجمع به بينهما ، وقد عرفت ما جمع به الشيخ (رحمهالله) ومن تبعه من الحمل على الاستحباب.
ثم إن مقتضى ما قدمنا نقله عن الأصحاب تخصيص الحكم المذكور بما إذا صام الثلاثة ، أما لو شرع فيها ثم وجد الهدي قبل أن يتمها فإنه ينتقل حكمها إلى وجوب الهدي.
والظاهر أن وجهه هو ان وقت الذبح عندهم مستمر إلى آخر الشهر كما تقدم ، والرواية التي دلت على الاكتفاء بالصيام موردها صوم ثلاثة ، فاقتصروا في الخروج عن ذلك الأصل على مورد الرواية.
وذهب ابن إدريس والعلامة في جملة من كتبه إلى سقوط وجوب الهدي بمجرد التلبس بالصوم ، واحتج عليه في المنتهى بقوله تعالى (١) «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ» إذ مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد ، فالانتقال عنه إلى الهدي يحتاج إلى دليل ، ثم قال : «لا يقال : هذا يقتضي عدم إجزاء الهدي وإن لم يدخل في الصوم ، لأنا نقول : لو خلينا والظاهر لحكمنا بذلك ، لكن الوفاق وقع على خلافه وبقي ما عداه على الأصل» انتهى.
أقول : وما بعد ما بين هذا القول الذي استدل عليه هنا بالآية وبين ما قدمنا نقله عنه في القواعد ، والمسألة عندي لا تخلو من الاشكال ، حيث إن ما تقدم نقله عن الشيخ والجماعة من الجمع بين الخبرين بالاستحباب فيه ما عرفت في غير مقام مما تقدم ، وعندي أن أحد الخبرين إنما خرج مخرج
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٦.