وحينئذ فحمل الصحيحة المذكورة على الرواية المشار إليها ودعوى أن مدلولهما واحد كما توهمه عجيب منه (قدسسره) نعم ذلك مدلول الآية التي فيها لا الرواية ، ولعله من هنا حصل الاشتباه والالتباس.
وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال وإن كان القول المشهور بين المتأخرين لا يخلو من قرب ، ولا ريب أنه أقرب إلى الاحتياط.
وأما القول باستحباب الأكل فهو أضعف الأقوال ، لما فيه من طرح الآية والاخبار ، وظاهر الشيخ أبي علي الطبرسي في تفسير مجمع البيان حمل الأمر بالأكل في الآية على الاستحباب ، حيث قال : «(فَكُلُوا مِنْها) : أي من بهيمة الانعام ، وهذه إباحة وندب ، وليس بواجب».
وهو مشكل سيما مع انضمام الاخبار إليها وأمره (عليهالسلام) في رواية معاوية بن عمار (١) بالأكل والإطعام واستدل بالآية المذكورة.
وفي رواية علي بن أسباط عن مولى لأبي عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «رأيت أبا الحسن الأول (عليهالسلام) دعا ببدنة فنحرها ، فلما ضرب الجزار عراقيبها فوقعت على الأرض وكشفوا شيئا من سنامها قال : اقطعوا فكلوا منها وأطعموا ، فإن الله عزوجل يقول (٣) (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا)» ،. والله العالم.
__________________
(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١ ـ ٢٠.
(٣) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٣٦.