قوله «عن رؤسهم» والمصادر الأربعة متقاربة المعاني ، والقنوت : الخضوع ، والجم : الكثير ، والدنو : القرب ، والتفاف النبات : اشتباكه.
وفي النهج «ملتف البناء» أى مشتبك العمارة ، والبرة : الواحدة من البر ، وهو الحنطة أو بالفتح اسم جمع ، والريف بالكسر : أرض ذات ذرع وخصب ، وما قارب الماء من أرض العرب ، والمحدقة : المحيطة ، وعراص : جمع عرصة ، وهي الساحة ، والمغدقة كثيرة الماء ، وفي قوله «مصارعة الشك» استعارة لطيفة ، وكذا في قوله «معتلج الريب» ومعناهما متقاربان ، والمعتلج : اسم مفعول من الاعتلاج ، وهو التغالب والاضطراب ، يقال : اعتلجت الأمواج ، أى تلاطمت واضطربت.
ومرجع الكلام إلى أنه كلما كان الابتلاء والامتحان أشد كان الثواب أجزل وأعظم ، ولو أنه سبحانه جعل العبادة سهلة على المكلفين لما استحقوا عليها الا يسيرا من الجزاء ، وهذا هو وجه الحكمة في ابتلاء خلقه بإبليس وجنوده ، والنفس الامارة بالسوء والأمر بالجهاد ونحو ذلك ، والا فهو قادر على دفع إبليس عنهم ، وخلق نفوسهم مطيعة ، وجمع الناس على طاعته ، ولكنه لا يظهر حينئذ وجه استحقاقهم الثواب والجزاء ، كما لا يخفى ، والله العالم.
الفصل الثاني عشر : روى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : أقوم أصلي بمكة والمرأة بين يدي جالسة أو مارة؟ فقال : لا بأس إنما سميت بمكة لانه تبك فيه الرجال والنساء». أقول : أي يزدحم من بكة إذا زحمه.
وعن معاوية بن وهب (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الحطيم؟
قال : هو ما بين الحجر الأسود وبين الباب ، وسألته لم سمى الحطيم؟ قال : لان الناس يحطم بعضهم بعضا هناك».
وعن أبان (٣) عمن أخبره عن أبى جعفر (عليهالسلام) قال : «قلت له : لم سمي
__________________
(١ و ٢) الكافي ج ٤ ص ٥٢٦.
(٣) الكافي ج ٤ ص ١٩٨.